تامرا.. مظلة حب وقصائد

ثقافة 2021/05/24
...

  حبيب السامر
 
للمدن القريبة من القلب، نبضات تتواشج، تتسارع كلما اقتربنا من شغاف مساحتها، يشدنا الحنين إليها، وهي تمد بساط حب يبدأ من حدقات العيون حتى مرمى البرتقال.
هذه المدينة التي تربطني بها خضرة أيامها، ينابيعها الصافية، وسبّاح شواطئها، والألفة التي تحيط بناسها، بساطتهم، سهولة التعامل، يدخلون القلب من دون عناء أو مقدمات تسبق رغبة التواصل والحديث الشيق، هي تامرا التي وصلتها ذات ندى، محملاً بجمال قصائد الجنوب، ورائحة الطلع، ونقوش الحناء، انحناءة أصابع السياب وهي تومئ للقادمين نحو الشط بأن اغتسلوا بماء القصيدة، وتوضؤوا بالحبر. 
وصلناها وفي أرواحنا يتقطر عطر القداح، القلوب كانت تنبض في صدورنا وهي تحيطنا بالمحبة والسرور.... حتما سيكون عناق الأدباء صادقا، في صالة الانتظار الطويلة، هناك يجلس شاعر من الموصل لصق قلبه يبادله الحديث شاعر من الناصرية، ويتعالى صوت شاعر من الديوانية وهو يرحب بصديق لم يره منذ سنوات.. يا للمصادفة الجميلة، في القاعة يجلس العراق من أقصى نبضه إلى أقصاه.. تتبادل الأحاديث.. كان سؤالهم المتكرر من جاء من النجف.. كربلاء.. البصرة.. السماوة.. وتتوالى الأسماء بجغرافيتها.. لكن القاسم المشترك هناك كان الحرف، وهذا الأجمل جدا، أن نحتمي تحت مظلة واحدة هي
 الشعر!
 وجدنا في مدخل الصالة الأسماء موزعة، ونسخة أخرى يحملها أحد الزملاء وهي تضيء أرواحنا بعد أن تداخلت مع أصدقاء نحتاج أن نتبادل الآراء ونعرف بعضنا عن قرب.. هذه الطريقة أحببتها، لكن معاناتنا في مهرجانات البصرة وبالذات في مربد الشعر، عليك أن تراعي من يدخن أو يمارس طقسه الليلي، ومن يسهر، ومن يرغب جلسات على هامش المهرجان، عليك أن تأخذ بنظر الاعتبار كل هذه الأمور وأنت توزع ضيوفك الأعزاء على غرف سكنهم.. اعتدنا على ذلك، وبالخبرة عرفنا من يحب أن يكون مع صديقه لتقاربهما في العمر والفكر والألفة، على الرغم من أن جميع الضيوف بمنزلة القلب.. نعود إلى مهرجان تامرا، الأجمل أننا نعرف حجم الدعم لهذا المهرجان، وافتقار المدينة إلى فندق يضم المدعوين، لذلك عملنا بألفة ومحبة لنجاح هذا المهرجان الجميل.. حفل الافتتاح، جلسات تتوالى وأسماء الشعراء الذين يقرؤون في اللوحة كي يجهز الشاعر حاله وقصيدته..
مهرجانات المحافظات جميلة ولها بصماتها، وطقوسها التي قد أتناول بعضها في مقالات مقبلة، لكن الأمور تسير ببساطة، وحسن التعامل، وابتسامة الروح.. أمضينا أيام المهرجان، حتى بدأت صور الاصدقاء تظهر في مواقع التواصل الاجتماعي، مع تعليقات جميلة بقضاء وقت جميل تحت أفياء أشجار البرتقال وسط بساتينها
 العامرة.
الصورة الجماعية قرب بوابة الجامعة كانت جميلة وتحمل دلالات عميقة.. حروف الشعراء ترفرف كالحمائم لتشكل مظلة حب أبدي!
حينها فكرت أن أقرأ قصيدة، وجدتك تمدين يدك الى أوراقي، وتسحبين بهدوء الورقة الملونة التي رسمنا صورة فنجان القهوة على جانب اللون البنفسجي منها، أذكر ابتسامتك، حين كررت الرسم، لأباغتك برسم تخطيطي كان يشبهك.. ربما!