رئيس الجمهورية: لابد من استرجاع أموال العراق المنهوبة

العراق 2021/05/24
...

 بغداد : محمد الأنصاري
 
أعلن رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح، في كلمة له أمس الأحد، عن تقديم مشروع قانون {استرداد عوائد الفساد} إلى مجلس النواب، في خطوة لمكافحة الفساد واستعادة الأموال العراقية المهرّبة للخارج وتقديم الفاسدين للعدالة، مشيراً إلى أن مشروع القانون يتضمن إجراءات عملية استباقية رادعة، وأخرى لاحقة لاستعادة أموال الفساد.
وقال رئيس الجمهورية: إن {مشروع القانون يسعى لاسترداد الأموال المهرّبة عبر آليات عمل وإجراءات تقوم على إبرام اتفاقات مع البلدان، وتعزيز التعاون مع المنظمات والجهات الدولية المتخصصة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة لكبح هذه الظاهرة”.
 
تريليون دولار عائدات نفطية
وأشار صالح إلى أن {الفساد العابر للحدود كلّف العراق خسارة أموال طائلة تُقدر بالمليارات}، مبيناً أن {إحصاءات وبيانات حكومية ودولية تُخمن أن مجموع واردات العراق المتأتية من النفط منذ 2003 يقارب ألف مليار دولار (تريليون دولار)، وهناك معطيات ومؤشرات تخمن أن ما لا يقل عن 150 مليار دولار من صفقات الفساد تم تهريبها إلى الخارج، وكانت كفيلة بأن تضع البلد في حال أفضل، ولا يمكن التعامل معها في الإطار المحلي فقط}.
وأوضح أنه {في هذا الصدد يسعى مشروع القانون لاسترداد هذه الأموال عبر إبرام اتفاقات مع البلدان، وتعزيز التعاون مع المنظمات والجهات الدولية المتخصصة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة لكبح هذه الظاهرة}.
وقال رئيس الجمهورية في نص كلمته المتلفزة: {أتقدم إلى مجلس النواب الموقر بمشروع قانون (استرداد عوائد الفساد)، حيثُ يسعى مشروع القانون لتعزيز عمل الدولة العراقية لاستعادة أموال الفساد ومحاسبة المفسدين وتقديمهم للعدالة، ونأمل من مجلس النواب مناقشة المشروع وإغناءه، وإقراره للمساعدة في كبح جماح هذه الآفة الخطيرة التي حرمت أبناء شعبنا من التمتعِ بثروات بلدهم لسنوات طويلة}.
 
إجراءات استباقية رادعة
وبين أن {مشروع القانون يتضمن إجراءات عملية استباقية رادعة، وخطوات لاحقة لاستعادة أموال الفساد، ليكون إلى جانب الجهد القائم من المنظومة القانونية والمؤسسات ذات العلاقة، خطوة في طريق مكافحة هذه الآفة الخطيرة، وتوفير الدعم للمؤسسات المالية والرقابية وتفعيل أدواتها في سبيل الحد من آثارها التي تُهدد حاضر البلد ومستقبله}.
وأضاف، {لقد واجه بلدنا خلال السنوات الماضية ظاهرة الفساد الخطيرة والمرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعنف والإرهاب، وبينما نجحنا في مواجهة الإرهاب عسكرياً بقوة وإرادة شعبنا وبتضحيات قواتنا بجميع تشكيلاتها، فان تحدي الفساد لا يقل خطورة، حيث يسعى لإدامة وضعه وتغذية العنف والانقسامات وتهديد السلم المجتمعي، والتأثير في الإرادة الحرة للعراقيين}.
 
تحالف دولي لمكافحة الفساد
وجدد رئيس الجمهورية، دعوته التي سبق أن تقدم بها إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة، {لتشكيل تحالف دولي لمحاربة الفساد على غرار التحالف الدولي ضد داعش}، مؤكداً أنه {لا يمكن القضاء على الإرهاب إلا بتجفيف منابع تمويله المستندة على أموال الفساد بوصفها اقتصاداً سياسياً للعنف، إذ أن الفساد والإرهاب مترابطان متلازمان ومتخادمان، ويديم أحدهما الآخر}.
وأكد أن {الفساد عدو التنمية الاقتصادية والاجتماعية، يسرق قوت الناس وأرزاقهم، ويعطّلُ إرادة الشعب في التقدم والبناء، ويمنع فُرص التنمية والازدهار والتقدم، وبسببه خرجت جموع الشباب المتظاهرين مطالبين بوطن.. وطن يخلو من الفساد، ثرواته محمية ومسخّرة لخدمة الشعب ورفعة الوطن}.
وطالب صالح {المؤسسات الرسمية والفعاليات الاجتماعية والمدنية، بوقفة جادة وحاسمة وحازمة لمواجهة هذه الآفة، وعدم التهاون في مواصلة طريق الإصلاح من أجل دولة قادرة ومقتدرة ذات سيادة، خادمة لمواطنيها}.
وختم رئيس الجمهورية كلمته بالقول: إن {تحقيق هذا الهدف النبيل هو أعظم تقدير لتضحيات الشهداء من أجل هذا البلد الكريم. العراقيون يستحقون الأفضل، وبذلوا التضحيات الجليلة من أجل الحياة الحرة الكريمة والمستقبل الواعد لجميع أبنائهم}.
 
أبرز فقرات القانون
بدورها، أعلنت رئاسة الجمهورية، أمس الأحد، عن أبرز ما تضمنه مشروع قانون {استرداد عائدات الفساد} المُقدم من رئيس الجمهورية برهم صالح إلى مجلس النوَّاب.
وقالت رئاسة الجمهورية، في بيان: إن {القانون يشمل جميع مسؤولي الدولة العراقية الذين تسنموا المناصب العليا الأكثر عرضة للفساد، ومنذ العام 2004 وحتى الآن، من درجة مدير عام فما فوق، وتقوم الجهات المالية المختصة بإعداد قائمة موثّقة بشاغلي هذه المناصب خلال الـ17 سنة الماضية}.
وأضافت أن {القانون يهدف لاسترداد الأموال الآتية داخل العراق وخارجه: الأموال والعائدات الاجرامية في أية جريمة فساد، أو ممتلكات تعادل قيمتها، والايرادات والمنافع المتأتية من عائدات جريمة فساد والممتلكات التي حولت اليها أو بدلت بها أو التي اختلطت معها}، مشددة على ضرورة أن {تزود هيئة النزاهة البنك المركزي العراقي بقائمة شاغلي المناصب العليا وأفراد أسرهم والاشخاص وثيقي الصلة بهم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون، وتحديثها سنوياً، ويقوم البنك المركزي العراقي بأعمامها على المؤسسات المالية لإجراء التدقيقات عليها}.
وتابعت الرئاسة أن {التقصّي والتحقيق عن أموال الفساد، يشملان أيضا أفراد اسر المسؤولين وأصدقاءهم والمقربين الذي يربطهم أي نوع من العلاقة سياسية أو تجارية، الى جانب أصحاب النفوذ وهم الأشخاص الذين لهم تأثير في صنع القرارات داخل مرافق الدولة وأجهزتها}، مطالبة “شاغلي المناصب العليا بتقديم إقرار خطي خلال 60 يوما بتخويل هيئة النزاهة والمحاكم العراقية بطلب المعلومات من الدول التي تكون لهم فيها حسابات مصرفية، حيث يعد ذلك إقراراً منهم برفع السرية عن أرصدتهم للجهات الرسمية العراقية والدول التي توجد فيها الحسابات المصرفية، وبخلافه بعد مرور 60 يوماً يعد الممتنع مستقيلاً من وظيفته”.
وبينت الرئاسة أن {لهيئة النزاهة بناءً على توفر الأدلة وبالتنسيق مع جهاز المخابرات وديوان الرقابة المالية التحري عن التعاملات المالية والتحويلات والأملاك في داخل العراق وخارجه للمشمولين بهذا القانون للتقصي عن مصادرها وطبيعة تأثيرهم في صنع القرار داخل سلطات الدولة وأجهزتها وملاحقة أي جرائم فساد تظهر نتيجة التحريات}.
وأكدت على {تشكيل فرق تحقيق وتقصّ بين وزارة الخارجية وجهاز المخابرات وهيئة النزاهة والبنك المركزي العراقي وديوان الرقابة المالية وبالتعاون مع الدول للتحرّي عن الأموال المهربة الى الخارج والفاسدين، وجمع المعلومات والوثائق عن أموال العراقيين الموجودين في هذه الدول الذين شغلوا مناصب عليا في العراق}، لافتاً الى ضرورة أن {تضع وزارة الخارجية وعبر الوزارات والهيئات ذات العلاقة خطة لإبرام اتفاقيات ثنائية مع الدول لاسترداد الاموال العراقية المهربة للخارج وعوائدها والفاسدين وتسليمهم الى السلطات العراقية}.
وشددت رئاسة الجمهورية على {التعاقد مع شركات تحقيق عالمية رصينة من أجل التحري عن أموال العراق المهربة للخارج وعوائدها}،  لافتة الى ضرورة أن {تُشعر المؤسسات المالية، البنك المركزي العراقي، بقوائم يتم إعدادها بالمعاملات المالية والتي تزيد قيمتها عن 500 ألف دولار أميركي لاجراء التحريات عنها}.
وأكدت أن {تلتزم المؤسسات المالية العراقية وبإشراف البنك المركزي بالتحقق من الزبائن لتحديد هوية المالكين من الأموال المودعة في حسابات تزيد قيمتها على مليون دولار}، مشيرة الى {إلغاء أو فسخ أي عقد أو إجازة استثمارية يتم إبرامها بناءً على رشوة أو استغلال نفوذ، أو أي فعل من أفعال الفساد}.
وأوضحت رئاسة الجمهورية أنه {لتشجيع التبليغ عن الفساد، تُمنح مكافأة مالية تصل الى 5 % من قيمة جريمة الفساد للمخبر الذي يُدلي بمعلومات عن جريمة تقود لاستعادة أموال الفساد}، مضيفة أن “عقوبات المدانين بجرائم الفساد تشمل المصادرة ونزع الملكية لجميع ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة، والمستندات والصكوك 
القانونية”. ولفتت الى أن {وفاة المتهم بالفساد أو انقضاء فترة الدعوى القضائية، لا يمنع عدم مسؤوليته عن الجريمة ولا يجوز العفو عنه، وتخضع ممتلكاته وأمواله لعقوبات 
تهم الفساد}.