تقرير أمني

الصفحة الاخيرة 2021/05/25
...

حسن العاني 
عبدالله مواطن عراقي، يتدبر أمور اسرته المعاشية بصعوبة بالغة، ولكنه (على ما حدثني عنه زميلي الصحفي الراحل أنور إبراهيم)، متهم بالعمل السياسي ضد السلطة، ولهذا اعتقلته الأجهزة الأمنية، وأجرت معه تحقيقاً واسعاً ومفصلاً، تناول الصغيرة والكبيرة في تاريخه الشخصي، ولأنها لم تجد مأخذاً عليه، كما لم تجد ما يؤيد تهمتها، فقد اطلقت سراحه، ولكنها (عينت) احد رجال الامن لملاحقة تحركاته، مع رفع تقرير تفصيلي عنه بصورة يومية!.
في اليوم الأول، رفع رجل الامن تقريراً الى مراجعه، جاء فيه {ان المدعو عبد الله كامل قد افتتح دكانه في الساعة السابعة صباحاً وكانت السيدة ام رزاق اول من دخلت الدكان واشترت نصف طبقة بيض، وفي الساعة السابعة و 16 دقيقة، اشترى السيد أبو مهند علبة سجائر، وفي ...}، وراح يذكر الأسماء والبضاعة التي قاموا بشرائها، والزمن الذي امضوه في المحل، من دون أن يفوته التعريف بأولئك الأشخاص وميولهم السياسية او انتماءاتهم القومية.
لم يقف تقرير اليوم الأول عند هذه الحدود، فقد جاء فيه كذلك {ان المواطن عبد الله اغلق دكانه في الساعة الواحدة ظهراً، وذهب الى بيته، ثم افتتحه من جديد عند الرابعة عصراً ولمدة 5 ساعات، اذ اغلقه من جديد، وذهب بمفرده الى محل قريب من دكانه يبيع (الفلافل) وتناول (لفة)، ثم اشترى 4 لفات (سفري)، ولم يتحدث الى احد، او يحدثه احد، باستثناء رجل سأله {بيش الساعة رجاء}، فرد عليه {آسف اخي والله ماعندي ساعة}، وذهب الى البيت مباشرة ولم يغادره!}.
وتضمنت تفاصيل اليوم الثاني والثالث والرابع والخامس، احداثاً مشابهة تماماً لأحداث اليوم الأول، اما في اليوم السادس فجاء التقرير مكثفاً ومغايراً.
قال فيه {لقد تحسنت اخلاق المواطن، ولم يعد سلوكه يثير الشبهة، لهذا أرجو الكف عن مراقبته بعد ان رأيته يزور بيت تاجر المخدرات ويخرج وبيده كيس صغير!}.
• أستاذ حسن.. لم تذكر لنا زمن هذه الحكاية ..
- اسف سيدي.. فإنني في حينها لم اسأل زميلي المرحوم أنور الهاشمي!.