في رحيل الشاعر فوزي كريم

ثقافة 2021/05/27
...

 هادي الحسيني
خسارة كبيرة رحيل الشاعر فوزي كريم المولود في العاصمة بغداد عام 1945، وهو خريج جامعة بغداد قسم اللغة العربية، وقد عمل في التدريس لفترة قصيرة قبل هجرته الى خارج العراق. ومنذ ديوانه الأول (حيث تبدأ الأشياء) عام 1968.
 
أثبت فوزي وجوده الشعري بتأنٍ وهدوءٍ وبخطواته الواثقة الأخرى التي ارتبطت ارتباطا وثيقاً بالشعر، فهو الناقد والرسام والمتذوق للموسيقى والعارف بأسرارها، وهو الكاتب الذي ارتدى ثياب الإمبراطور في كتابه الذي حمل عنوانا ثانوياً «الشعر ومرايا الحداثة الخادعة»، وعندما كتب في بغداد قصيدته عن حسين مردان ونشرها لاحقاً ضمن مجموعته الشعرية الثالثة (جنون من حجر) الصادرة عن وزارة الثقافة العراقية عام 1977.
وأنا أضع خطواتي في المنفى الأول كنت التقيت بفوزي كريم في عمّان عام 1997 وهو جالسٌ في مقهى السنترال مع صديقه الشاعر خزعل الماجدي، كان مهذباً وصاحب صوت خافت ونبرة فيها من الحزن الكثير، حزن البلاد التي تركها أواخر السبعينيات بعد الهجمة الشرسة على قوى اليسار العراقي والبطش والسجون والتعذيب والإعدامات فرفض الشاعر فوزي كريم العيش في بلاده التي تقمع مواطنيها، وقرر الرحيل والعيش في المنفى، اتفق مع صديقه الشاعر هاشم شفيق ليتم مساعدتهما والسفر خارج العراق بعيداً عن الرقيب 
الذي قد يفسد رحلتهما. 
كانت تلك الفترة عصيبة على الكثير من العراقيين، وبمرور السنوات استقر بهما المطاف في عاصمة الضباب لندن لتكون فسحة كبيرة للتأمل والكتابة الإبداعية.
تكررت اللقاءات بفوزي كريم بعمّان في غرفتنا البسيطة بطلعة جبل الحسين وعلى مائد البياتي في حانة الياسمين وفي الشارع والمقهى فكان فوزي كريم شعلة ثقافية لا تنطفئ، فحين يتحدث عن الشعر يتألق بامتياز وحديثه عن الموروث الشعري العربي يجعلنا نعيد قراءتنا فيه من جديد، وعندما يتحدث عن الموسيقى والرسم وعلاقتهما بالشعر فيأخذ بأيدينا الى عوالم نعرفها جيداً لكنه بأسلوبه يصورها لنا وكأننا لم نعرفها من قبل.
كان طاقة فكرية إبداعية نادرة، بالرغم من نبرة الحزن الواضحة على فوزي كريم والتي نتجت جراء المنفى الطويل الذي تجاوز عقودا من الزمن وانعكس هذا الحزن على قصائده التي كتبها خارج العراق وإن كانت قصائده الأولى حزينة لكنها ليست غريبة عن بيئتها. وفي الموسيقى نشر كتابه «الفضائل الموسيقية» في أجزاء أربعة: الموسيقى والشعر (صدر عن دار المدى 2002)، والموسيقى والرسم والموسيقى والفلسفة والموسيقى والتصوف. وثمة مشاريع وكتب لم تَرَ طريقها 
للنشر.