تواصل ايران تصدر اجندات المؤتمرات الدولية فبينما تواصل اوروبا دعمها للاتفاق النووي مع ايران وخلق الية جديدة للتعامل المالي مع طهران للالتفاف على العقوبات الاميركية وذلك لاستمرار التعاون بمختلف المجالات بين طهران واوروبا، جاء التحذير الاميركي للقادة الاوروبيين مطالبا بالانسحاب من الاتفاق النووي، على الرغم من تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية مرارا سلمية الملف النووي الايراني. وبهذا الشأن وبدعوى من واشنطن للتضييق على ايران اختتم في العاصمة البولندية وارسو مؤتمر خاص بقضايا الشرق الأوسط وايران بصورة خاصة، حيث ركز ممثلو 60 دولة بينهم وزراء خارجية عشر دول عربية على ضرورة «مواجهة الخطر الإيراني» في المنطقة، بحسب الوصف الاميركي في وقت اكدت فيه موسكو ان المواجهة مع ايران لن تنتج حلا لقضايا الشرق الاوسط ، كما اعتبرت بريطانيا ان التحشيد ضد طهران سيقوض كثيرا الجهود الاوروبية للتعامل الودي مع ايران.
وردا على المؤتمر أكدت الخارجية الإيرانية أن البیان الختامي لمؤتمر وارسو الذي نظمته واشنطن بمشاركة ستين دولة لمحاصرة إيران، «يفتقر للمصداقية وأثبت فشل المؤتمر وخيبته».
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي: «لا يمكن لأي مؤتمر تحت عنوان الأمن والسلام في الشرق الأوسط أن ينجح من دون مشاركة اللاعبين الأساسيين في المنطقة كإيران وتركيا والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين ومن دون حضور دول مهمة كروسيا والصين».
وأضاف: «سياسات أميركا في المنطقة، وانسحابها من الاتفاق النووي، أثارت التوتر والنزاع والخلاف في المنطقة وأدت إلى زعزعة الاستقرار والأمن وانتشار الفقر والحروب والتطرف» بحسب البيان الايراني.
عقوبات أميركية
بدورها أعلنت الولايات المتحدة عزمها فرض مزيد من العقوبات على إيران، منتقدة استمرار الدول الأوروبية في تعاونها مع طهران.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أثناء مؤتمر وارسو لقضايا الشرق الأوسط الذي نظم برعاية واشنطن: «نعتقد بأننا نحتاج إلى مزيد من العقوبات ومزيد من الضغط على إيران» وأكد بومبيو أن المشاركين في المؤتمر وافقوا على تكثيف «الضغط الاقتصادي» على القيادة الإيرانية.
من جانبه، شن نائب الرئيس الأميركي مايك بينس، أثناء المؤتمر، هجوما على حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، متهما بريطانيا وفرنسا وألمانيا بـ»خرق العقوبات الأميركية ضد طهران».
وطالب بينس الدول الأوروبية بـ»الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة» من خلال الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم بين طهران ومجموعة «5+1» عام 2015، الذي تخلت عنه واشنطن العام الماضي رغم معارضة الأطراف الأخرى في الصفقة.
وانتقد بينس بشدة إنشاء الدول الأوروبية آلية مالية جديدة لمواصلة التجارة مع طهران من دون التعرض للعقوبات الأميركية، معتبرا ذلك «خطوة غير مدروسة ستعزز إيران وستضعف الاتحاد وستزيد الفارق بين أوروبا وأميركا».
وهيمن موضوع «خطر إيران» على أجندة المؤتمر المنظم من قبل واشنطن في العاصمة البولندية، لكن الولايات المتحدة اضطرت لاحقا إلى توسيع أجندة اللقاء كي تشمل مزيدا من قضايا الشرق الأوسط، استجابة لمطالب الأوروبيين الذين يحاولون الحفاظ على علاقاتهم التجارية مع إيران.
موقف روسي
من جانبه انتقد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا المؤتمر الدولي المنعقد حاليا في العاصمة البولندية وارسو الخاص بقضايا الشرق الأوسط الذي يركز على إيران».
وقال: نيبينزيا: ان «تشكيل تحالفات ضد أي طرف أو أي دولة.. وضد إيران في هذه الحالة لن يسهم في حل المشاكل المتعددة التي يواجهها الشرق الأوسط».
ورفضت روسيا الدعوة للمشاركة في المؤتمر، مشيرة إلى أنه نظم من دون مراعاة مواقف دول مؤثرة في المنطقة ويخدم الأجندة الأميركية حسب تعبيره.
وفي الوقت نفسه قلل مراقبون في الشارع البريطاني من أهمية مخرجات مؤتمر وارسو على اعتبار أنها ليست ملزمة للمشاركين فيه، كما شددوا على أن المؤتمر سيقوض جهود الدول الأوروبية للتعامل مع طهران.
أزمة سوريا
وضمن قضايا الشرق الاوسط ايضا وفي ختام القمة الثلاثية في مدينة سوتشي، اتفق رؤساء روسيا وتركيا وإيران على مواصلة العمل للوصول للتسوية السياسية في سوريا، مع احترام سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها.
وفي بيان ختامي للقمة، وهي الرابعة من نوعها، شدد الرؤساء فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان وحسن روحاني على ضرورة تكثيف الجهود لإطلاق عمل اللجنة الدستورية في سوريا في أقرب وقت.
ونوه الرؤساء الثلاثة بأهمية تهيئة الظروف الملائمة لعودة اللاجئين السوريين إلى منازلهم، مناشدين المجتمع الدولي بتنشيط دوره في مساعدة الشعب السوري من دون تسييس الموضوع، مع تكثيف الجهود لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة إدلب.
وأعرب بوتين وروحاني وأردوغان عن رفضهم القاطع لمحاولات فرض حقائق جديدة على الأرض في سوريا تحت غطاء محاربة الإرهاب.
واتفقت الدول الثلاث على عقد اجتماع جديد بصيغة أستانا أواخر آذار او أوائل نيسان المقبل.
وفي تصريحاتهم أثناء مؤتمر مشترك عقد في ختام القمة، أعرب الرؤساء الثلاثة عن شكوكهم إزاء نية الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا.
وأوضح بوتين أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يلتزم بوعوده الانتخابية، لكن الظروف الداخلية في الولايات المتحدة تمنعه أحيانا من تطبيقها، مضيفا: «لا نعلم ماذا سيحدث لاحقا، لكن اليوم نؤكد أنه لم يحصل أي تغير ملحوظ على الأرض».
وتابع بوتين أنه إذا سحبت الولايات المتحدة في الواقع قواتها من سوريا، فإن القوات السورية يجب أن تسيطر على هذه المناطق.
من جانبه، أشار الرئيس أردوغان إلى أن قرار سحب القوات الأميركية يعود إلى ترامب وهو يواجه معارضة من قبل كبار المسؤولين الآخرين في الولايات المتحدة، ومن غير الواضح متى سيطبق هذا القرار وما إذا كان سيحصل فعلا.
وذكر الرئيس التركي أن أنقرة تعول على التنسيق مع روسيا وإيران في عملية سحب القوات الأميركية من سوريا، مشيرا إلى ضرورة احترام وحدة الأراضي السورية من جانب، وضمان عدم سيطرة الإرهابيين على المناطق الآمنة الجديدة.
بدوره، أبدى روحاني قلق طهران إزاء ما وصفه بـ «المؤامرة طويلة الأمد» الأميركية ضد سوريا، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لن تتوقف عن التدخل في شؤون سوريا حتى إذا انسحبت قواتها البرية من البلاد.
وقال الرئيس الإيراني إن موقف الدول الثلاث والمجتمع الدولي بأكمله يقضي بضرورة استعادة الحكومة الشرعية السيطرة على كامل أراضي سوريا.