بعيداً عن.. قريباً من!

الصفحة الاخيرة 2021/05/30
...

حسب الله يحيى 
 
في الوقت الذي كان معظم الزملاء يقبلون على العزائم والولائم والدعوات الخاصة؛ كان هو الوحيد الذي يعتذر من دون بيان اسباب معقولة، فتارة يعلن عن مرضه واخرى عن مشاغله والثالثة عن سفره، الا انها تبدو امام الآخرين محاولة للهروب من عدم الاستجابة وتلبية الدعوات.
وحين زرته في منزله اثر مرض الم به، الححت عليه في توضيح مسألة اعتذاره التي باتت مدار حديث جميع الزملاء، فانتفض من سريره واعتدل في مكانه واجاب: سببان لا احيد عنهما في حياتي، الاول ان من يكرمني لابد أن ابادله الكرم وانا لا قدرة لي على أن اغدق من المال على مثل هذه الحفلات، والسبب الثاني ان من يدعوني الى مائدة او حفل لابد أن يروم من وراء ذلك الوصول الى هدف في ذهنه.
لذلك لا اجدني مستجيبا لتنفيذ ما هو باطل ومجانب للحق، تحت مسوغ أن الرجل خصني بكرمه وصداقته واسرف في احترامه ومديحه، لا اريد للباطل أن يتسيد الموقف عندي خجلا او ضعفاً او ثقلا انوء به ليلي ونهاري.
انا بنيت شخصيتي على قاعدة أن اكون نصيراً للحق والعدل وكل القيم النبيلة، فكيف اسمح لنفسي أن اكون اسيراً لمائدة باذخة او علاقة حميمة او كرسي يعدونه لي لكي اباهي به الآخرين؟.
ان مباهاتي لا تقوم على تلبية زائفة وانما عن حق جلي اسهم في الدفاع عنه والعمل على وفقه مهما كلفني ذلك من خسائر مادية و وظيفية، ذلك لأن اكتفاء المرء بقيمه هو انقى وابهى وانفع للناس من علاقة تقوم على المنفعة الشخصية والولاء الكاذب والموقف المهزوز والمسار الخاطئ.
الصحيح بين والحق بين وسواهما كما النور والعتمة هناك مسافة، وقد اخترت ضوء قلبي وعقلي وبهما اسمو على غيري، اصغيت لكلماته وخرجت من المنزل مرتاح الضمير.