إن الارهاب هو وسيلة لتحقيق هدف سياسي مبني على عدة دوافع قد تكون دينية او ايديولوجية من خلال استعمال العنف او التهديد باستعماله ضد المدنيين او أهداف مدنية، مخالفة لكل قوانين الحرب والاعراف والمعايير الدولية المعمول بها. اذن الارهاب ينطوي على هدف ودافع ووسيلة وضحايا.
لذلك ركزت الستراتيجية الحكومية العراقية لمكافحة الارهاب على تحقيق هدفين مهمين وهما: اولاً اضعاف الجماعات الارهابية من خلال النيل من ارادتها والحد من قدراتها القتالية. وثانياً تدمير امكانيات العصابات الارهابية، وجعلها بلا فعالية قتالية وعدم السماح لها في اعادة تنظيمها. وتمثلت الجهود الحكومية وغير الحكومية لمكافحة الارهاب بعدة جوانب:
اولاً: الجهود القانونيَّة والامنيَّة
تمثلت الجهود الحكومية القانونية بتشريع قوانين متلائمة مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية والاقليمية المتعلقة بمكافحة الارهاب واعادة تأهيل الضحايا. حيث تم تشريع عدد من القوانين التي بموجبها تم تأسيس وانشاء مؤسسات حكومية متخصصة في مكافحة الارهاب وغسل الاموال وتمويل الارهاب في العراق وهي كما يلي:
1 – تشريع قانون جهاز مكافحة الارهاب رقم (31) لسنة 2016 والتعديل الاول رقم (3) لسنة 2018. والذي تم بموجبه استحداث قوة عسكرية مستقلة ترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة تدعى (جهاز مكافحة الارهاب) مدربة تدريبا احترافيا ومجهزة بأحدث المعدات والاسلحة وتمتلك عقيدة عسكرية رصينة ووطنية.
2 - تشريع قانون مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب رقم (39) لسنة 2015 أسس بموجبه (مجلس مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب) في البنك المركزي العراقي.
3 - لجنة تجميد أموال الارهابيين
تشكلت في الامانة العامة لمجلس الوزراء تتولى تجميد اموال الارهابيين او غيرها من اصول الاشخاص، الذين حددتهم لجنة العقوبات التابعة للامم المتحدة والمنشأة بموجب قرارات مجلس الامن اذا كانت تعمل بمقتضى الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة. او الذين تم تصنيفهم على الصعيد الوطني او بناء على طلب دولة اخرى استنادا الى قرارات مجلس الامن.
4 - قانون رقم (32) لسنة 2016 حظر حزب البعث والكيانات والاحزاب والانشطة العنصرية والارهابية والتكفيرية.
5 - اقرار قانون الناجيات الايزيديات رقم (8) لسنة 2021 ويهدف الى تعويض الناجيات والمشمولين باحكام هذا القانون مادياً ومعنوياً وتأمين حياة كريمة لهم. وتأهيل ورعاية الناجيات واعادة ادماجهم بالمجتمع ومنع تكرار ما حصل من انتهاكات بحقهم.
ثانياً : الجهود البحثية والفكرية:
ترجمت الجهود البحثية والفكرية من خلال البحوث والدراسات واقامة الورش التدريبية واصدار الدوريات والمنشورات والاعلانات عبر عدة مؤسسات وهي:
1 - الخلية الوطنية للعمليات النفسية:
تشكلت في جهاز الامن الوطني كجهة ساندة للقوات المسلحة معنوياً ونفسياً لمواجهة اعلام وفكر عصابات داعش الارهابية، بموجب الامر الديواني رقم (2) تشرين الثاني 2014 التي اخذت على عاتقها بناء الجهد النفسي في المؤسسات الامنية.
2 - مشاركة المراكز البحثية في الكليات والجامعات في اعداد البحوث والدراسات واقامة المؤتمرات واللقاءات في مجال الامن الفكري بالتعاون مع مركز النهرين للدراسات الستراتيجية في مستشارية الامن الوطني، الذي ضم عددا من الاقسام المتخصصة بالدراسات الامنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية وأمن الطاقة والمياه وأمن المعلومات والاتصالات والعلاقات والاعلام.
ثالثاً: برامج منظمات المجتمع المدني الساندة للجهود الحكوميّة
وتميزت هذه البرنامج في كونها مجتمعية وواسعة وتطوعية انطلاقاً من مبدأ إن الأمن مسؤولية الجميع، وابرز البرامج هي:
1 - برنامج بناء السلام واعادة الاعمار لتحقيق الاستقرار المجتمعي.
وهو مشروع ممول من مستشارية رئاسة مجلس الوزراء (لجنة المصالحة الوطنية) بالتعاون مع عدد من الدول والمنظمات الدولية والمحلية وهدف البرنامج اعادة تأهيل ضحايا داعش ومعالجة موضوع المقاتلين الاجانب وأسرهم.
2 - مشروع تفنيد:
ان الارهاب يجد له تبريراً بالافكار الدينية الاسلامية والاراء الشرعية الفقهية، كما انه يستند الى اعمال يزعمون انها تمت في عهد النبي (عليه وعلى اله الصلاة والسلام) وبموافقته وتحريضه ومن ثم تعد سنة يتعين اتباعها وينبغي انتهاجها كجزء من صميم الايمان.
عندما تترك النصوص الدينية للتفسيرات المغلوطة ستبقى دائماً في حالة ازمة مع الواقع ما يتطلب من المؤسسات الدينية ان تكون اكثر فاعلية في ضخ التفسيرات المعتدلة الرافضة للكراهية والعنف بشفافية ومصداقية، تدفع نحو تقبلها دون تردد. مشروع (تفنيد) كان احد مبادرات الحكومة في تفكيك الشبهات الدينية والقاء الضوء على ادوات توظيفها في تقويض وهدم المجتمعات كان مخططا لها أن يتم بالتعاون مع الوقف السني وهيئة الافتاء وعدد من منظمات المجتمع المدني والعشائر.
رابعاً: زيارات ومشاركات دولية:
اخر مشاركة كانت زيارة الفريق الاول الركن عبد الامير يارالله رئيس اركان الجيش العراقي للمركز العالمي لمكافحة التطرف في المملكة العربية السعودية.
اذن مكافحة الارهاب والتطرف يتطلب تعاون الجميع للتخلص من جرائمه، لأنه يسعى الى تحقيق هدف سياسي من خلال استعمال العنف بدلا من الحوار والتفاوض والمشاركة.