توجهات غربية لمغادرة الشرق الأوسط باتجاه الصين وروسيا

آراء 2021/06/22
...

  د. قيس العزاوي
منذ عام 1997 كل اربع سنوات يجد الرئيس الأميركي المنتخب الجديد على رأس جدول اعماله في البيت الابيض تقريراً مفصلا عن اوضاع العالم بعد 20 سنة، وتشكل السياسة الاستشرافية للقوة الأميركية مركز الثقل الأساسي في اولوياتها. فإذا كانت المؤسسات المالية الدولية قد توقعت ان تكون الصين هي القوة الاقتصادية الأولى عام 2035 ، فإن القائد السابق للقيادة العليا لحلف شمال الأطلسي الأدميرال المتقاعد جيمس ستافريديس يتوقع نشوب حرب أميركية صينية طاحنة، قد تستخدم فيها الأسلحة النووية قبل ذلك وبالتحديد عام 2034، وفأل الشؤم هذا توقعه قبله هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركية السابق عندما أعلن بداية الحرب الباردة مع الصين. 
 
 مشروع دفاعي جديد
 وإذا تمعنا في البيان الختامي لقمة الناتو (الحلف الأطلسي) الأخيرة سنجد هذه التوجهات تذكر رسمياً وبكل صراحة، حيث أعلن مشروع دفاعي جديد لمواجهة تحديات الصين وروسيا. وبشر الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ الصحافة العالمية، بأنّ القادة المشاركين في القمة اتفقوا على أهمية تكاتف أوروبا وأميركا الشمالية وجميع الدول الـ 30 الأعضاء في الحلف، كما اتفقوا على انهاء خلافاتهم كلياً والتفرغ لمواجهة {النظم الشمولية مثل روسيا والصين}.
 اما لماذا استشعار الخطر من روسيا والصين الى هذه الدرجة فيذكره ستولتنبرغ على النحو التالي:
- وسعت الصين ترسانتها النووية بشكل سريع مع رؤوس نووية متطورة. 
- تمتلك الصين وروسيا قوة الكترونية قادرة على خوض حرب سيبرانية مما يشكل خطراً على الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي. 
- استمرار روسيا بانتهاج سياسة توسعية في أوكرانيا والشرق الأوسط وبخاصة بعد ضمها لشبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني، ويذكر الخبير الألماني في الشؤون الروسية توماس فاسبندر ان الحرب الباردة بين الغرب وروسيا، قد بدأت منذ عام 2014، اما الصين فهي تتوسع في أفريقيا والمحيط المتجمد الشمالي، وأن توسع نفوذها يمثل تهديدا لأمن الحلف، لذلك قرر قادة الحلف التصدي للتهديدات الصينية. 
 
  رد الفعل الروسي
 ورداً على لقاءات الرئيس الأميركي جو بايدن مع قادة دول أوروبا الشرقية، مثل رومانيا وبلغاريا ولتوانيا وإستونيا، وهم جيران لروسيا وتعهده بتعزيز قدراتهم الأمنية في مواجهة التحديات الروسية، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو خطة لبلاده لإنشاء نحو 20 تشكيلا ووحدة عسكرية جديدة للجيش الروسي بنهاية هذا العام، للرد على الستراتيجية التوسعية لحلف الناتو قرب الحدود مع روسيا".
 
 الموقف الصيني
 اما الرد الصيني على الحملة الاطلسية، فقد اكتفت البعثة الصينية لدى الاتحاد الأوروبي بالقول ان الحلف يبالغ في اتهام الصين، وبكل نعومة نصحته {بتكريس المزيد من طاقته لتعزيز الحوار}. وقالت في بيان رسمي "إن سعي الصين للتحديث الدفاعي والعسكري مبرر ومعقول ومنفتح وشفاف"، وانها لا تخفي شيئا فهي تستعد للاحتفال بمئوية حزبها الشيوعي في الشهر المقبل وتلوح بالحلم الصيني.
 التهم الاطلسية للصين وروسيا والردود الصينية والروسية عليها لم تغير من الخطط والبرامج المعدة سلفا لادارة الصراع او تفجيره في اية لحظة تجد فيها القوى الكبرى مستفزة، كما يقول القائد الأطلسي السابق ستافريديس ويتوقع أن يكون بحر جنوب الصين البؤرة التي تنطلق منها شرارة الحرب بين البلدين، بسبب المياه المتنازع عليها. المياه التي تدعي الصين أنها ضمن محيطها الإقليمي، وهو ما يمنحها السيطرة على احتياطيات النفط والغاز التي يزخر بها البحر، فضلاً عن السيطرة على 40 بالمئة من التجارة العالمية.
 
 رفع حجم الإنفاق العسكري
لذلك بحث قادة الناتو مواصلة رفع حجم الإنفاق العسكري للدول الأعضاء، كما استلم الكونغرس الأميركي طلب الرئيس الأميركي جو بايدن زيادة النفقات العسكرية إلى 753 مليار دولار في مشروع الموازنة الدفاعية للعام المالي 2022 من اجل "تطوير القدرات العسكرية لمواجهة روسيا والصين".
 خارطة طريق الصراعات والحروب لا تمر هذه المرة عبر الشرق الأوسط، الذي يعده الأطلسي بتسويات مع ايران بعد استيعاب قوتها وتوظيفها لـ {السلام}! وتركيا بعد ترضيتها كقوة اطلسية، ومع إسرائيل المدعوة الى قطف ثمار التنمية الموعودة للمنطقة بالتفاهم، كما يكرر الغربيون، مع {المعتدلين} الفلسطينيين، على ان يجري ذلك من جديد على حساب حلم الدولة الفلسطينية. انه موسم الهجرة الأطلسية الى الصين!.