الروائيات يستحوذن على روح العصر الأدبيَّة

ثقافة 2021/06/22
...

 جوانا توماس كور
 
 ترجمة: ليندا أدور
بدءا من سالي روني وصولا الى ريفين لايلاني، استحوذت الروائيات على روح العصر الأدبية من خلال إثارة المزيد من الضجة، ونيلهن المزيد من الجوائز، وكن الأكثر مبيعا من الرجال. لكن هل يعني هذا أن علينا الاحتفاء بهذا التحول الثقافي أم تداركه؟. في شهر آذار الماضي، أعلنت مؤسسة دار فينتج للنشر، بأن الروائيين الخمسة الأوائل الذين ستعلن دعمها لهم هذا العام هم: ميغان نولان وبيب وليامز وآليسا ماكفارلين وجو هاميا وفيرا كوريان، جميعهن من النساء، فقد هيمنت النساء على قوائم العام 2021.
 
على مدى الاثني عشر شهرا الماضية، كانت كل الضجة والاهتمام في مجال الرواية يدور حول كاتبات شابات هن: باتريشيا لوكوود ويا جياسي ريفين لايلاني وآفني دوشي ولورين أويلر، فعندما تتوجه بالسؤال لأي روائي عن لأي من الجنسين يقرؤون، بالتأكيد ستكون إجابتهم تشمل واحدا من راشيل كاسك وأوتيسا موشفيغ وراشيل كوشنر وغويندولين رايلي ومونيك روفي او ماريا ستيبانوفا. أو ربما يجدون صدى جديدا في كل من أنيتا بروكنر وزورا نيل هيرستون وناتاليا غينزبرج  واوكتافيا باتلر وآيفي كومبتون بيرنيت، فالطاقة، كما سيقول لك أي شخص من داخل عالم النشر، هي مع المرأة.
وهذا هو الحال مع التغطية الإعلامية، فعلى مدار الأعوام الخمس الماضية، ضمت قائمة صحيفة الأوبزرفر السنوية للروائيين الأوائل 44 كاتبا، 33 منهم من الإناث، وسنجد نسبا مشابهة لذلك في القوائم القصيرة للجوائز. وقد غابت أسماء الكتاب من الذكور بين الأسماء الأخيرة المرشحة لجوائز كوستا بوك للرواية الأولى، فهنا أيضا، كانت أسماء الكتّاب ضمن القائمة القصيرة، على مدى الخمس سنوات الماضية، تشكل نسبة الإناث فيها 75 بالمئة. وضمن القائمة القصيرة لجوائز راثبون لهذا العام، كان هناك اسم لرجل واحد من أصل ثمانية. أما قائمة جائزة ديلان توماس القصيرة فقد وجدت فيها محلا لرجل واحد، وذات الأمر كان لجائزة أفضل أول رواية لنادي الكتّاب، الأمر الذي دفع برئيس لجنة التحكيم فيها، لوسي بوبيسكو الى القول: «من الجميل أن نرى هيمنة المرأة على القائمة القصيرة».
 
الوحوش الكبيرة
لكن ليس كل من في داخل عالم النشر يرى الأمور بهذه العبارات اللطيفة، فقد رد أحد الناشرين بعد إعلان القائمة بوقت قصير: «هل يمكن أن تتخيلوا العكس، أي ان تضم القائمة خمسة رجال وامرأة واحدة»، مضيفا هل كانت رئيس لجنة التحكيم ستعلق بالقول: «من الجميل أن نرى هيمنة الرجال على القائمة القصيرة؟».
منذ جيل مضى، هيمن الرجال على القوائم القصيرة، فقد كانوا «الوحوش الكبيرة» لسنوات الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي. فمن المملكة المتحدة هيمن كل من مارتن آميس وجوليان بارنز إيان ماك إيوان ووليام بويد وكازو إيشيغورو وآخرين، في حين هيمن عليها كل من فيليب روث وجون ابادايك وسول بيلو من الولايات المتحدة الأميركية. لكن ذلك كله تغير، وفي ما يبدو أن الأمر بات مقبولا عالميا، بأن الفترة الحالية تشهد هيمنة النساء، وبأنه أمر ايجابي، مع الأخذ بنظر الاعتبار الهيمنة الثقافية الذكورية على مدى 6 آلاف عام أو نحوها، لا تزال هناك أصوات معارضة بين بعض الناشرين والوكلاء والكتاب، والشباب منهم بشكل خاص، لشعورهم بأن الرجال مستبعدون من صناعة عَمِيت عن تحيزاتها. لا يتوانى هذا الناشر المعارض (المذكور أعلاه) للقول بأن: «نعم، حاليا، تأتي الكتابات المثيرة كلها من النساء» وهو نفسه ينشر للنساء أكثر من الرجال. 
كشف استطلاع التنوع الذي صدر في شهر شباط الماضي عن اتحاد الناشرين في بريطانيا، عن ان 64 بالمئة من القوى العاملة في قطاع النشر هم من الإناث، وتشكل النساء نسبة 78 بالمئة ممن يعملن في التحرير و83 بالمئة في التسويق و92 بالمئة في الدعاية والإعلان. 
 
الأدب والثقافة لا يتوقفان
وفقا لإحصائيات تم الحصول عليها من مجلة بوكسيلر Bookseller (مجلة بريطانية تعنى بصناعة النشر) فإن 629 من أصل 1000 رواية وهي الروايات الأكثر مبيعا لعام 2020، كان كتّابها من النساء، وكانت نسبة 75 بالمئة ضمن فئة “الخيال العام والأدبي” كتبتها نساء. يذهب الإجماع العام في الرأي على أن الكتّاب من الذكور قد تخلوا عن الرواية الأدبية، وبدؤوا البحث  في احتماليات السرد اللاتخيلي كروايات الرحلات والطبيعة او النوع الأدبي كروايات الجريمة والخيال العلمي.
عندما نتحدث الى رجال في العشرينات والثلاثينات والاربعينات من العمر، يذكرون بأنهم لا يعيرون اهتماما للرواية وبشكل خاص الأدبية منها، فهم لديهم ألعاب الفيديو واليوتيوب والبودكاست والمجلات والنتفليكس. تقول ميغان نولان، التي تعد روايتها الأولى “أعمال تنم عن اليأس” واحدة من أكبر الأعمال الأدبية لهذا العام، بأنه من غير المحتمل أن تجد روائيا على غلاف مجلة غير أدبية، في حين يمكن أن تجد شخصية ثقافية طموحة. 
تؤكد كارولينا ساتون، من وكالة كيرتس براون الأدبية ومقرها لندن، بأن الأمر استغرق قرونا حتى أصبحت النساء قادرات على التعبير عن أنفسهن ككاتبات وروائيات، مبدية استغرابها من عدم إثارة مثل هذه الضجة في وسائل الإعلام عندما تم استبعادهن؟. تقول ساتون ان الناس كانوا دائما ما يقرؤون الأدب الذي كتبه الرجال، وهذا لن يتغير، لكن الذي “سيتغير جذريا” هو الفضاء الأدبي الذي ينطلقون منه، فلن تكون لهم الهيمنة بعد الآن، بقولها: “التحدي الذي هم في مواجهته هو مفاجأة القراء من خلال منظور جديد”، مضيفة: “وهو ما يحدث الآن وسيستمر بالحدوث، لأن الأدب والثقافة لا يتوقفان”.
 
*صحيفة الغارديان البريطانية