كيانات اجتماعيَّة ثقافيَّة.. لا مـكــونــات طائفيَّــة وعرقيَّــة

آراء 2021/06/23
...

 عبد الحليم الرهيمي
يوجه كثير من الكتاب وبعض السياسيين من الطبقة السياسية المتنفذة ومن خارجها، انتقادات شديدة لمصطلح (مكونات الشعب العراقي) الذي تكررت الاشارة اليه سبع مرات في دستور العام 2005، وهو مصطلح في نظر البعض مهين ويوحي بأن الشعب العراقي ليس واحداً انما هو تجميع او (لصق) لجماعات سكانية، وذلك فضلا عن كونه يكرس تقسيم المجتمع بتحويله الى ممارسات وشعارات طائفية وعرقية التي تكرس بدورها المحاصصة (المقيتة) المنتجة للفساد.
غير ان الواقع الذي يعبر عن حقيقة الشعب العراقي هو انه شعب واحد متعدد الانتماءات والثقافات، التي اشار اليها واقرها الدستور ذاته في المادة (3) التي تنص على ان (العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب) والذي اشار واقر ايضاً في المادة (49) بأن مجلس النواب (يتكون من عدد من الاعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مئة الف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي بأكمله ..) ولم ينص على انهم يمثلون مكونات الشعب العراقي بل لم يبح لأي نائب الحق الادعاء أنه يمثل طائفته او مذهبه او عرقه، كما جرى ويجرى في الواقع ومن دون مساءلة عن خرق مواد الدستور واذا كان طبيعياً وصحيحاً أن ينتخب النائب من ناخبين مختلفي الانتماءات والمناطق، فإنهم يصبحون يمثلون الشعب العراقي ما ان يؤدوا قسم عضوية البرلمان، لكن ما يجري هو خلاف ذلك.
وفي ضوء ذلك فإن المصطلح الدستوري الصحيح او الاصح هو مصطلح الشعب العراقي المتعدد الطوائف والاديان والمذاهب، اي هم العراقيون الذين يعدهم الدستور في مادته (14) بأنهم (متساوون أمام القانون من دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الرأي او الوضع الاقتصادي او الاجتماعي)، اي بوصفهم مواطنين افرادا لا 
مكونات.
ويشير تجاوز الدستور بنصوصه تلك اعتبار (المكونات) هي الشعب العراقي لكن ذلك لا يلغي بل يؤكد ان الاختلافات او التمايزات الطائفية والعرقية والدينية والمذهبية هي انتماءات اجتماعية وثقافية وحتى عقائدية يتمثل كل منها – حسب رغبته وخصوصيته بـ (كيان) وليس (مكونًا) ضمن التعددية الواقعية والمشروعة في المجتمع العراقي كما في كل مجتمعات وشعوب العالم التي تتحدث باسم شعبها الواحد الموحد مع احتفاظ كل انتماء اجتماعي او ثقافي او ديني او مذهبي بخصوصيته ضمن (كيان) الخاص.. وهكذا اصبح من الضروري تغيير مصطلح (المكونات) في الدستور في اول تعديل يجري له كما يطالب الكثيرون.