حُلول الآليات

آراء 2021/06/26
...

 حميد طارش
الآليات هي إحدى الوسائل المهمة في مكافحة الفساد المالي والإداري، وعندما تعجز الشعوب وساستها عن إيقاف نهب المال العام، تلجأ الى آليات ضابطة تعجز الفاسدين عن الاستمرار في سرقاتهم
 
ولذلك نكرر دائماً بأنَّ شعوب الدول النظيفة من الفساد وساستها ليسوا ملائكة، وإنما هم من وضع ضوابط منعت إغراء المال العام، بل وحتى الخاص ومن ثم سرقته (احفظ مالك ولا تخوّن جارك) وبدأت بسن القوانين العقابيَّة وتطبيقها من قبل الأشخاص المستقلين وليس من مرشحي الكيانات السياسيَّة المتهمة بالفساد! وتفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وهكذا يبدو أنهم غير متناقضين مع عقائدنا ومُثلنا ونحن ما زلنا منغمسين بالانقسام فيها وهذه هي سُبّة التلميذ الكسلان الذي يخلق المبررات لكسله.
وقامت الدول المتقدمة بغلق النوافذ أمام الموظف فهو لا يرى المواطنين عند حاجتهم له بإنجاز معاملة ما، فهي تروّج وتُنجز عن طريق الانترنت، أي قامت بحماية الموظف والمواطن من براثن الفساد، كما أنها وفرت الجهد والوقت عليهما، وبالنتيجة قدمت خدمة الرفاهيَّة لمواطنيها.
وسأذكر إحدى الآليات المهمة في كبح الفساد، والتي تتمثل بالصراف الآلي الذي ستكون فيه أموال المواطنين، وهذا سيشكل ثروة بيد الحكومة والمصارف في استثمارها من دون فوائد، فضلاً عن حماية الصراف لأموال المواطنين من السرقة والإتلاف، بل ويدفعهم للاقتصاد في الصرفيات ويضفي عليهم صبغة حضاريَّة تجعل من أموالهم الشخصيَّة حاضرة لديهم في كل مكان وبطريقة آمنة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنَّه يحمي جميع الأموال التي هي موضع النهب والفساد، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، جباية الضرائب والرسوم في المنافذ الحدوديَّة بالتحويل الآلي من دافعي الضرائب الى خزينة الدولة وهكذا الحال في استيفاء رسوم الماء والكهرباء وكذلك في جباية ضرائب الدخل والعقارات التي كثر الحديث عن التلاعب في تقديرها، وهكذا جميع الضرائب والرسوم المتحصلة للحكومة، بل والتفكير والتصميم تقنياً بتداول أموال المشاريع والمشتريات الحكومية عبّر إطار آلي يمنع الى حدٍ ما نهب المال
العام.
والآليَّة المذكورة ليست صعبة التنفيذ في عراق الكفاءات المصرفيَّة والاقتصاديَّة والتقنيَّة، فهل تسفر الانتخابات المقبلة عن إرادة سياسيَّة تمنحهم الفرصة والدعم بشأن إنجازها؟ وتنهي بذلك الملف الأصعب في عراق ما بعد 2003.