قمة المشرق الجديد

آراء 2021/06/28
...

 بشير خزعل
في القرن السادس عشر وحتى القرن الثامن عشر اعتمدت بريطانيا نظاما اقتصاديا، يرتكز على أن ثروة العالم كانت ثابتة ومكونة أساسا من المعادن الثمينة، وحاولت بريطانيا تجميع أكبر حصة ممكنة من تلك الثروات وتعظيم صادراتها والحد من وارداتها عبر نظامها الاقتصادي الجديد (Mercantilism)‏ او مايسمى بالعربية (الميركانتيلية)
 
خلال ولاية رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي طرحت فكرة (المشرق الجديد)، ثم عزمت حكومة الكاظمي على إكمال هذه الفكرة من اجل تحقيق مكاسب اقتصادية، كما جاء على لسانها، العراق كدولة عانى من الحرب مع داعش وتحمل اعباء اقتصادية وتهديدات امنية كبيرة، مع وجود تقاطعات وعزلة مع بعض الدول العربية، في حينها زاد من ضرره جراء استمرار علاقاته غير المستقرة مع حكومات وانظمة عربية مؤثرة في المحيط الاقليمي، ولان الاقتصاد هو من يحرك عجلة العالم، سعت حكومة الكاظمي إلى إحداث تغييرات على مختلف الصعد الاقتصادية والاستثمارية وتنسيق المواقف حول قضايا المنطقة في المحافل الدولية والإقليمية. القمة الثالثة في بغداد ربما ستسهم بالمضي بخطة التكامل الاقتصادي بين الدول الثلاث، ومنها مشاريع في الطاقة الكهربائية وتوريدها للعراق وتصدير النفط العراقي عبر ميناء العقبة الأردني، والتفاهم على تشغيل العمالة مابين هذه الدول. وربما تكون الغاية او الاهداف الاقتصادية من هذه القمة غير مقنعة للكثيرين من اصحاب الاختصاص والباحثين في مجال الاقتصاد، لأنهم يرون فيها انها نظام اقتصادي مشابه (للميركانتيلية)، فالحكومة العراقية تسعى لمشروع مقترح لوضع خطة لرفع حجم التبادل التجاري مع الأردن في القريب العاجل، ليصل إلى مليار دولار في المرحلة الأولى ثم إلى 5 مليارات دولار، ووافقت في بداية العام الحالي على إعفاء البضائع الأردنية من التعرفة الجمركية. فالصادرات الأردنية للعراق العام الماضي نحو 630 مليون دولار والمستوردات غير النفطية نحو 62 مليون دولار، وفقا لدائرة الإحصاءات العامة الأردنية، اما حجم التجارة بين العراق ومصر فكان العام الماضي 486 مليون دولار، منها ‏‏479 مليون دولار صادرات مصرية و7 ملايين دولار واردات من العراق، وفقا للهيئة العامة للاستعلامات المصرية. وكان حجم التبادل التجاري قد بلغ مليارا و650 ألف دولار عام 2018، وهو أكبر رقم للتبادل التجاري بين مصر والعراق منذ عام 2003. وفي المقابل فان التساؤل المطروح هو ماهي منافع هذه القمة للعراق؟ اقتصاديا وامنيا وعلى مستوى القرارات الستراتيجية في المحافل الدولية، ما يشكله البعض ان هذه القمة ستحقق فوائد اقتصادية كبيرة على حساب العراق، منها ان حجم العمالة المصرية وتسعيرة النقل حسب بند اتفاقية الطريق البري سيسهلان نقل العمالة المصرية من والى العراق، وستحل مشكلة البطالة في مصر على حساب العمالة العراقية، التي تعاني من ازمة كبيرة تتفاقم يوما بعد اخر، الامر الاخر هو ان تخفيض العراق لقيمة صرف الدينار مقابل الدولار تصب في صالح العراق، لكن ربما تعمد الدولتان مصر والاردن لتخفيض عملتيهما لدفع صادراتهما للعراق بشكل أكبر، جميع هذه التكهنات التي يتباحث بها المختصون ويتداولها الشارع العراقي يجب ان توضح من قبل الحكومة العراقية بشكل شفاف يتيح للمعترضين والمنتقدين ان يلمسوا منافع وفوائد مثل هكذا اتفاقيات مع دول يعتقدون انها تعاني من ضعف اقتصادي كبير.