أميركا وأفغانستان

آراء 2021/06/29
...

  سعد العبيدي
 
احتلت أميركا دولة أفغانستان لما يقارب العقدين من الزمان، حججها لفرض الاحتلال جاهزة على الدوام، فكانت بالنسبة لأفغانستان تتعلق بالإرهاب الذي تنتجه طالبان وبفرض الديمقراطية التي تحارب وجودها طالبان. لكن أميركا وبقرار أحادي قررت هذا العام الانسحاب من الساحة الأفغانية، التي لم تتوقف فيها أعمال القتال طوال فترة الاحتلال. وكرد فعل لانسحابها السريع تحركت طالبان من جانبها وسيطرت على مدن ومقاطعات وباتت تهدد العاصمة كابول، ودفعت بالأفغان الحالمين بالديمقراطية وشعوب الدول القريبة والبعيدة، التي ترمي الى تحقيق الحدود الدنيا من الديمقراطية الى السؤال: هل توقف انتاج الارهاب في هذه البيئة المنتجة لمستوى يدفع أميركا، التي ترعى الجهد الدولي لمحاربة الإرهاب أن تتوقف فجأة عن الاستمرار في القتال؟.  
وهل تحققت الديمقراطية في دولة أفغانستان بالمستوى الذي يمكن ان تدخل على أساسه طالبان الحكم بوسائل الانتخاب وليس عن طريق البندقية، الأمر الذي اقتضي الانسحاب؟.
إن الانسحاب بهذه الطريقة يبطل حجج الأميركان في الاحتلال، لكنهم عمليون لا يعيرون اهتماماً للبطلان، ويضيف معالم عداء لتواجدهم في المنطقة التي لم يثبتوا طوال فترات تواجدهم فيها أنهم نافعون، لكنهم مجتمع قائم على الرأسمالية التي تحسب نتائج الخطوات على أساس الكم الحاصل للربح والخسارة، وبالتالي لا ينظرون الى خسائر الآخرين. 
يبدو من وقع الأحداث أن مشكلة الانسحاب وما ستؤول اليه الأمور من عودة محتملة لحكم طالبان، ليست مشكلة أميركية ولن تخدش الحياء الأميركي، ويبدو أن الخاسر الأكبر في موضوعها تلك الشعوب والأنظمة التي تثق بأميركا وتتعامل معها بحسن نوايا هي في الأصل غير موجودة في عالم السياسة، سوى في عقول أهل الشرق (العربي المسلم)، الذين ما زالوا يتعاملون بحسن النوايا العاطفية التي جعلتهم في كل المواجهات خاسرين.