ثنائيةُ العُمر والذكْر

آراء 2021/06/29
...

  حسين الصدر 
- 1 -
هناك مَنْ يَتَمنّى أنْ يطول عُمرهُ لكي ينعم بمباهج الحياة ويتزيد من ملذاتها.
ولكنَّ طولَ العمر – بحد ذاته – لن يكون الرصيد الكبير للانسان ما لم يقترن بألوانٍ من العمل الصالح والنافع، والمسار الحميد المقترن بالعطاء.
- 2 -
وقد يعيش الانسان ردحاً طويلاً من الزمن ولكنّه لا يُبقي له ذِكْراً في الناس بعد رحيله!.
انه حين يموت ينتهي بموته ويصبح نَسْيّاً منسيّاً.
وهذه خسارة كبيرة.
- 3 - 
يقول ابن الرومي – ونعم ما قال:
عُمْرُ الفتى ذِكْرُهُ لا طُولُ مُدَّتِهِ 
وموتُه خِزْيُهُ لا يَوْمُه الداني 
فَاَحْيِ ذِكْرَكَ بالاحسانِ تَفْعلُهُ
تُجْمَعْ به لكَ في الدنيا حَياتَانِ 
 - 4 -
والذِكرُ الطيّبُ لا يحظى به الاّ الشهداء، والعلماء المبدعون، وروّاد الفكر والفضيلة والأدب الناهضون، ومصابيح الثقافة والمعرفة، والوطنيون المخلصون الذين يجعلون أعمارهم مشاريعَ نَفْعٍ وخدمةٍ للشعب والوطن، 
أما الكسالى، والخاملون، والانانيون، واللا أباليون، والبخلاء، والمشغولون بأنفسهم وقضاياهم الخاصة، فهم موتى الأحياء، ولا يَذْكُرُهم بعد الرحيل ذاكر!.
 - 5 -
لقد اغتال الدكتاتور المقبور الشهيدين الصدرين – رضوان الله عليهما – ولم يكن استشهادهما الاّ الولادة الجديدة لهما، 
وهاهما يملآن بِذْكرِهما أرجاءَ العالم وليس أرجاء العراق وحده 
لقد نصبتْ جامعةُ موسكو نَصبا تذكاريا للامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر، وهذا يعني أنَّ فكر الامام الشهيد الصدر امتد الى الشرق والغرب وكان له صداه في أروقة جامعات العالم، فضلاً عن محافل العلم واندية الفضيلة والحوزات العلمية في شتى ارجاء الوطن الاسلامي الكبير 
وفي احدى قصائد رثائنا للامام الشهيد الصدر قلنا:
لم يبلغُ الخمسينَ لكنْ باتَ في 
قَلْبِ الزمانِ يُطاول الأعمارا 
العِلْمُ والخُلُقُ العظيمُ تعانقا 
في ذَاتهِ وتَوافَقَا مقْدارا 
فبناصعٍ مِنْ عِلْمِهِ وبساطعٍ 
مِنْ هَدْيِهِ تركَ العقولَ حيارى 
 - 6 -
واحفظ لنفسك بعد موتك ذكرها 
فالذكر للانسان عمرٌ ثاني 
هناك تناسب طردي بين حجم العطاء والبذل والنفع وبين الذِكْر العالي والثناء الباقي، فكلما عظُم العطاء عَظُم الذِكْر والثناء، والمغبونُ مَنْ غاب عن ميادين الخدمة والنفع الاجتماعي ولم يُسهمْ بشيء ذي بال يستحق به الذِكْر.
وقد يذكرك الناس بخير من خلال ما يرون من أبنائك، فالولد الصالح ذخيرة كبرى لأبيه في الدنيا والآخرة.