تحديات تواجهها النساء العاملات
ريبورتاج
2021/06/29
+A
-A
د. سماء الزبيدي
تمثل نسبة الاناث الى الذكور في المجتمع العراقي ما يقارب النصف من عدد السكان الاجمالي و تشير احصائيات الجهاز المركزي للاحصاء في وزارة التخطيط لعام 2018 الى ضعف تمثيل المرأة في العمل، فعلى الرغم من ارتفاع المستوى التعليمي للمرأة العاملة في مؤسسات الدولة، اذ تمثل النساء الحاصلات على شهادة جامعية اولية 40 % من اجمالي العاملين من كلا الجنسين، فان تمثيل النساء في الادارات العليا منخفض جدا، فمقابل 100 رجل يعمل في الادارة هناك اثنتا عشرة امرأة فقط، ومقابل كل خمسة وعشرين رجلاً تعمل سبع عشرة امرأة، ما يدل على ضعف استغلال الطاقات النسائية في العمل.
وعلى الرغم من ذلك تلعب المرأة دوراً كبيراً في بناء المجتمع، وسجلت انجازات عديدة على المستوى الفردي والجماعي، وتقلدت العديد من المناصب القيادية في مجال عملها واثبتت انها على قدر من المسؤولية ومحط ثقة، بناء على امكانيتها في الانجاز والتعامل مع الازمات، فضلا عن دورها التربوي في بناء الاسرة وهي تواجه العديد من التحديات التي يمكن أن تشكل عقبة امام ممارسة دورها الفعال في المجتمع.
الموازنة بين العمل والحياة
من مفاتيح نجاح الفرد في عمله موازنته بين عمله وحياته الشخصية، ويعتبر المختصون في مجال السلوك ذلك اساس الانجاز الفعال، وان ضعف التوازن له آثار سلبية في الاداء الوظيفي، واشارت الاحصائيات المنشورة بهذا الشأن على المواقع الالكترونية المهتمة بادارة المورد البشري استنادا الى مؤشرات علمية الى ان 38 % من الأشخاص يجدون أن مؤسستهم لا تتيح أبدا أو نادرا للموظفين تحقيق توازن صحي بين العمل والحياة، و51 % يعتقدون انهم فوتوا أحداثا مهمة في الحياة بسبب عدم كفاية التوازن بين العمل والحياة، و68 % من الموظفين يقولون ان ضعف التوازن بين العمل والحياة يؤثر سلبا في معنوياتهم ودوافعهم في العمل مع كل هذه الصعوبات تسعى المرأة العاملة الى الموازنة بين الامرين، فلم يثن بيان يونس (41 عاماً) ارهاق العمل عن متابعة دراسة اولادها والاهتمام باحتياجات اسرتها، فضلاً عن ممارسة بعض الهوايات مثل الاعمال اليدوية والالتزام بممارسة الرياضة، واوضحت انه ليس بالامر اليسير، واحياناً تشعر بنفاد طاقتها، الا ان الحياة اقصر من أن تفوت اي لحظة منها من دون انجازات وتحقيق السعادة لاسرتها كأم، واهدافها كامرأة عاملة تحب العطاء، ويشير المختصون الى أن ذلك يعود الى البيئة التي تنشأ فيها الاناث وعادات وتقاليد المجتمع، وتبين الاستاذة الدكتورة ناز بدرخان السندي، متخصصة بالاسرة وعلم الاجتماع، أن طبيعة الظروف التي مر بها المجتمع العراقي حفزت النساء على الابداع في اكثر من مجال في ظل اضطرار الرجل للغياب عن الكثير من مشاهد
الحياة.
بيئة العمل
إن نظرة المجتمع وبحكم عاداته وتقاليده التي تصور ان المرأة معدة لتربية الاولاد ومراعاة امور المنزل وتصور قصورها للتميز في العمل والانجاز، تعرضها الى الكثير من المضايقات والاسئلة المحرجة وهي في طريقها للحصول على فرصة عمل او اثناء ادائها له، ومنها السؤال عن الحالة الاجتماعية ومخططاتها الشخصية المستقبلية عن تكوين الاسرة او زيادة عدد افراد اسرتها، وغالبا ما تكون مثل هذه التدخلات من الجنس الاخر بسبب التصور المحدود عن دور النساء في المجتمع، الا أن الثقة بالنفس هي ما يحدد اسلوب الرد على تلك الاسئلة، وتساعد على أن تجتاز المرأة مثل هذه المضايقات والمواقف
بانتصار.
ويمكن أن نبلور أهمية المرأة للمؤسسة التي تحتويها بما اثبتته العديد من التجارب السابقة، بأنّ تنوّع الأجناس في بيئة العمل يُعزّز الإبداع والابتكار، إذ يسهم عملها برفد بيئة العمل بتجارب وخبرات مختلفة لأداء المهام الوظيفية بطرق وأساليب جديدة، وبيّنت الدراسات أنّ زيادة نسبة النساء في العمل تحسن من البيئة الوظيفية، إذ يؤدي ذلك إلى تحقيق نسبة أعلى من الإخلاص، والرضا الوظيفي، والاداء الهادف، فهي تمتلك دوراً مهماً في التشجيع على العطاء، ورفع كفاءة العاملين، وذلك من خلال تهيئة ظروف عمل تفاعليّة تحفّز على بذل أقصى جهد لتطوير المؤسسة، و يساعد وجودها على بناء فريق عملٍ مميّز لقدرتها على حلّ المشكلات بصورة جيدة، وامتلاكها مهارات عالية في تكوين العلاقات، والتفاعل مع الآخرين، وتقدير جهودهم، الأمر الذي يسهم في زيادة مستوى إنتاجية المؤسسة.
ويوضح الدكتور نور صباح جليل البلاغي، المتخصص بالسلوك التنظيمي والادارة الستراتيجية: لوحظ بأنّ الشركات التي توظّف النساء في المناصب العليا تقل فيها نسب التمييز القائم على الجنس، و تحقق زيادة في المردود المالي، فتتفوّق المؤسسات التي تتولّى النساء فيها المناصب بنسبة أكبر ماليّاً على منافسيها، إذ تشير الدراسات إلى أنّ المؤسسات التي تضم كلا الجنسين تكون إيراداتها أعلى من تلك الأقل
تنوعاً.
صراعات غير مرئية
تتعرض النساء لانتهاكات متعددة في بيئة العمل وتصنف منظمة العمل الدولية الانتهاكات على اساس الجنس بالتقاعد القسري، التحرش الجنسي باشكاله المختلفة، بيئة عمل عدائية، اختبار الحمل الالزامي او طرح اسئلة عن الحمل المخطط خلال التوظيف وتخصيص استحقاقات وبدلات متحيزة جنسياً ومن اشكال التمييز في العمل التي يمكن أن تشكل صراعات غير مرئية، التدريب خارج اوقات الدوام، او اناطة بعض الاعمال بالرجال دون النساء على الرغم من انها لا تتطلب جهدا بدنيا استثنائيا كاناطة بعض المناصب الادارية والمهام بالرجال فقط من دون النساء.
في مقابلة عمل سُئلت (م.ي – 26 عاماً) عن اذا ما كانت تخطط للارتباط والانجاب مستقبلا؟، والصادم ان من طرحت السؤال كانت امرأة ايضاً متعذرة بان هذا الامر يعرقل العمل، وتضطر الموظفات الى التمتع باجازات الامومة ما يراكم المعاملات من دون
انجاز!.
فالمضايقات والصراعات والمنافسة لا تقتصر على الجنس الاخر، انما تنشأ بين الذوات من الجنس نفسه كونهم يضعون انفسهم في مقارنات مع اشخاص من الجنس نفسه، وتشير أ.د ناز بدرخان السندي الى أن الغيرة والمنافسة تكونان احيانا مشروعتين وتمثلان حافزا للارتقاء بالذات وتطوير المهارات والقدرات، ويمكن أن يصب ذلك بمصلحة العمل، اذا ما تم بطريقة صحيحة، اما النوع المرضي منها فيعود لأسباب نفسية يمكن أن تدفع الى الحاق الاذى بالآخر وتنمي روح الحقد وتخلق الصراعات في بيئة
العمل.
حماية المرأة العاملة
نصت المادة (4) من قانون العمل العراقي لعام 2015 على: أن العمل حق لكل مواطن قادر عليه، وتعمل الدولة على توفيره على أساس تكافؤ الفرص دونما أي نوع من أنواع التمييز، وعالج القانون في بعض فقراته قضية حماية المرأة العاملة، وسنسلط الضوء على اهم المواد الرئيسة فيه، ومنها المادة 84 - على صاحب العمل الذي يستخدم عاملة فأكثر وضع نسخة من الاحكام الخاصة بحماية المرأة العاملة في لوحة الإعلانات بمقر العمل، والمادة 85 - يحظر ارغام المرأة الحامل او المرضع على اداء عمل إضافي أو أي عمل تعده الجهة الصحية المختصة مضراً بصحة الام او الطفل، او اذا اثبت الفحص الطبي وجود خطر كبير على صحة الام او الطفل، والمادة 86 - لا يجوز تشغيل المرأة العاملة بعمل ليلي الا اذا كان العمل ضروريا او بسبب قوة قاهرة أو للمحافظة على مواد اولية او منتجات سريعة التلف او اذا كان هناك قوة قاهرة ادت الى توقف العمل في المشروع توقفا لم يكن متوقعاً، على الا يتم تكرار ذلك، والمادة 87 ـ تستحق العاملة اجازة خاصة بالحمل والوضع بأجر تام لمدة لا تقل عن (14) اسبوعا في السنة، ويضمن للام العاملة في نهاية اجازة الحمل والوضع والأمومة العودة الى عملها نفسه او عمل مساو له وبالاجر نفسه، والمادة 91 - يسمح للعاملة المرضع بفترتي ارضاع اثناء يوم العمل لا تزيد على ساعة واحدة وتعد فترة الارضاع من وقت
العمل.
وعلى الرغم من ذلك ما زالت الانتهاكات لحقوق المرأة العاملة موجودة، وما زالت المضايقات في بيئة العمل تمارس ليس على مستوى العراق فقط انما في الكثير من دول
العالم!.
أخبار اليوم
كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني تشيد بالتحول الإيجابي الذي تشهده شبكة الإعلام
2024/11/25 الثانية والثالثة