أ.د.عامر حسن فياض
القمم كيما تكون جديرة باسمها ومسمياتها لا بد ان تكون ذات جدوى محسوسة عند بلدان التلاقي ومنجزات ملموسة عند شعوب تلك البلدان واشعاعات ايجابية تخرج من ابواب مفتوحة وترحب بالاخر الاقليمي الراغب بدخول التلاقي. وعبر تاريخ القمم السابقة اكتوت شعوب بلدان المنطقة العربية من مخرجات هذه القمم، فإن كانت ايجابية المخرجات لم نتلمس منافعها وان كانت مخرجاتها سلبية تتحسس وتعيش شعوب المنطقة اضرارها، وهكذا عرفنا القمم العربية الثنائية والثلاثية وما بعد الخماسية وقبلها. فكيف السبيل لتصبح القمم مجدية؟.
نعم، إن القمة الثلاثية (العراق – مصر – الاردن) هي حلقة من سلسلة قمم سبقتها وكان التوقيت مناسبا لعقدها والنوايا حسنة لانعقادها ومن مصلحة اطرافها الثلاثة حصولها.. لأسباب تتصل بفوائد التعاون السياسي والأمني وعوائد التكامل الاقتصادي لمنطقة تعج بالتأزم والفوضى واللااستقرار.
ولكي لا يكون التلاقي عابر سبيل على هذه القمة، وكل قمة تتلوها ينبغي ان تغادر النهج التقليدي للتلاقي المعول على التاريخ المشترك والعقيدة المشتركة وغيرها من اللقاءات المؤدلجة، وان تعتكز على نهج وظيفي مصلحي متبادل يستحضر الهموم المشتركة ويعي التهديدات القائمة والمقبلة، وكيفية تحويلها الى فرص، ويحسن توظيف القدرات والامكانيات المشتركة لأطراف القمة.
من جهة اخرى فإن جدوى القمم المجدية تتمثل ايضا بتجنب الوقوع والانغماس في الاستقطابية والخشية من سياسة النأي السلبي بالنفس... ونقصد بالاستقطابية ان تنعقد القمة لتشكيل حلف متعارض مع مصالح اطراف اقليمية او دولية تستحق ان تكون اطرافا حليفة او شريكة مع اطراف القمة المجدية، أصلا ينبغي ان تهدف الى زرع الامن وصنع الاستقرار في المنطقة التي لم تعد تتحمل غير التعاون والتكامل على المستويات وفي المجالات كافة.
أما الخشية من النأي السلبي بالنفس فإن القمة الجديرة باسمها ينبغي ان لا تتبنى هذه الكذبة فتصبح شيطانا أخرس ساكتا عن الحق، فمن غير الممكن النأي بالنفس عن خطر الارهاب او الاجتهاد بمحاربته او عدم محاربته، فهو خطر لا يقبل القسمة على ارهاب متطرف وارهاب معتدل.. كما ان اسرائيل خطر قائم وقادم من غير المعقول الاجتهاد والنأي بالنفس عن هذا الخطر تحت مسمى التطبيع وسلام الشجعان.. وكذا الحال مع الموقف من الاحتلال وتجاهل السيادة والاستقلال بحجة رفاهية العولمة المستخفة بالوطنية والعدالة الاجتماعية وتحرر الاوطان.
والقمة المجدية هي قمة مستقبل انجازي يضمن لأطرافها مكانا تحت شمس الازمنة الاتية.. انجازية من اجل اكتفاء ذاتي نسبي في الغذاء والدواء والمعرفة لشعوب اطراف القمة... انجازية لأمن وسلام جميع بلدان المنطقة... انجازية في مكافحة الارهاب ومنع التطرف... انجازية في رد العدوانات والاحتلالات القديمة والجديدة على اراضي وخيرات جميع شعوب دول المنطقة... انجازية في دعم فعاليات التعبير عن ارادة مواطني اطراف القمة بالانتخابات والتعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة واستقلالية القضاء... انجازية في التعاون التكاملي ضد الفساد وضد الانفلات في امتلاك السلاح واستخدامه خارج اطار الاحتكار الشرعي القانوني للدول... انجازية في مكافحة الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والمقتنيات الاثرية الحضارية...
باختصار القمة المجدية هي قمة تعاون وتكامل انجازي بأبعاد مجتمعية (سياسية – امنية – اقتصادية – معرفية).. هي قمة بنهج وظيفي يقوم على المصالح المتبادلة.. وهي قمة زرع سلام وصناعة امن.. هي قمة مد جسور لا حفر خنادق بين بلدان المنطقة كل المنطقة باستثناء خصوم ومغتصبي اراضي وحقوق وحريات شعوبها.