ثورة العشرين.. الرمز الذي يبقى

آراء 2021/06/30
...

  زهير الجبوري                                       
 
ربما يأخذنا الحديث عن ثورة العشرين الى مديات تاريخية وحماسات اجتماعية واندفاعات بيئية، تنطوي من خلالها على مسألة في التعامل مع الجذر وشحنات العاطفة وكينونة الانسان الشرقي الرافديني، الذي ينتمي الى عرقه وجذره المكاني، حيث الأعراف والتقاليد وما الى ذلك من تفاصيل اخرى. غير أنهاـ اي الثورة ـ انتجت خطابا رمزيا في جعل الانتفاضة ضد الاخر هي انتفاضة تكوينية في تثبيت الهوية العربية، وجعل العراق بلدا يحافظ على عروبيته، التي اراد لها المحتل ان تتلاشى، وهنا برز دور القائد ومن يتبعه، بل جاءت الأهازيج لتشكل اندفاعا كبيرا في مواجهة تبدو للوهلة الأولى غير متكافئة بين سلاح الآخر (الطوب) والآلة اليدوية البسيطة (المكوار)، فكانت الأنشودة الشهيرة (الطوب أحسن لو مكواري)، ومن خلال هذه التفاصيل استطاع الانسان العربي (العراقي) أن يكرس رمزيا حقيقة المجتمع وما يملكه من ارادة قوية، على الرغم من وجود آثار الاحتلال العثماني حينها، وكما تشير المصادر الى ان هناك العديد من الاسباب، التي جعلت هذه الثورة تسير بخطى ناجحة هو وجود تعاون كبير بين الطبقات المتعلمة (طبقة الأفندية) مع (طبقة الملالي)، لتصبح اللغة مشتركة بين الطرفين من أجل الوصول الى هدف مشترك، إضافة الى دخول (طبقة الشعراء) من أجل تعزيز أبناء العشائر والطبقات الأخرى، التي تحتاج الى دافع ثقافي/ معنوي، وبعيدا عن الأسباب التي تذكرها بطون الكتب او التي سيتحدث عنها بعض الاساتذة، فأنا أجد شخصيا أن لثورة العشرين أثرا كبيرا في ولادة ثورات أخرى، بالرغم من انحسار الفرد العراقي في التعبير عن رأيه في عقود كانت الأيديولوجيا وحياة التعسف واضحتين، لكن في ما بعد عادت الثورات لتؤكد أن أصل الفرد العراقي يتمتع بحماسة كبيرة تجاه أرضه 
وعرضه.
صحيح أن الاصرار على انطلاق ثورة العشرين كان في اتفاق بين رؤساء العشائر، غير أن فعل الانتفاضة فيه مغامرة كبيرة، حيث التعبير عن الذات هو التعبير ذاته، هوية عربية تنتفض بوجه الاخر، الذي يملك خارطة واسعة وخطة يشتغل عليها مع قراءة وافية لشخصية الانسان العراقي في تلك الفترة، الاّ أن الاندفاع في جعل الثورة قائمة بهذا الشكل ولها وقع كبير في تاريخ العراق، هو الرمز الوطني الذي يمتد الى أمد بعيد.