محمد صادق جراد
يستعيد العراقيون ذكرى ثورة العشرين في 30 حزيران من كل عام، لأنها تحتل مكانة كبيرة في وجدان كل عراقي، اذ تعد مصدر الهام وموضع اقتداء للشعب، الذي يستنبط منها الدروس والعبر، بما تسهم في ترسيخ المفاهيم والقيم الوطنية الاصيلة.
ما يميز الاحتفال بذكرى ثورة العشرين انها مناسبة وطنية متفق عليها من الجميع بوصفها ثورة وطنية عراقية نابعة من احتياجات المواطن العراقي ومعاناته، ولاتقف خلفها اي أجندات خارجية او دوافع فئوية او طائفية، وبهذا أصبحت تشكل انعطافة مهمة في تاريخ العراق وأعطتنا دروسا وعبرا مهمة، أصبح يدركها العراقيون بعد أن غابت لفترة طويلة عن اذهانهم، الا أنهم بعد مرور سنوات طويلة ومتابعة التجارب التي جاءت بعدها، اصبحوا ينظرون الى ثورة العشرين بطريقة مختلفة.
وما يميزها ايضا انها قادت البلد الى نتائج مهمة، كتأسيس الدولة العراقية الحديثة وما تلاها من تأسيس العديد من مؤسسات الدولة، في مقدمتها المؤسسة العسكرية في العام 1921 وما حققته تلك المؤسسات من نجاحات في فترة وجيزة، كانت مصدر فخر للعراقيين ومازالوا يذكرون تلك الحقبة ويفتخرون بها، وبما حققته من انجازات كبناء المؤسسات وارتفاع قيمة الدينار العراقي وحسن إدارة
الدولة.
لقد كانت ثورة العشرين اول ثورة تحررية في تاريخ العراق الحديث، كونها جاءت من أجل أن يتحرر البلد من القيود، ويحكم العراقيون أنفسهم بأنفسهم، كما جاءت لتعبر عن تضامن كل العراقيين بمختلف مكوناتهم وشعورهم بوجود مصلحة وطنية عليا، تدعو الجميع الى التضحية ومواجهة الخطر لتحقيق النصر للعراق.
من اجل كل هذا أصبحت ثورة العشرين يوما وطنيا عراقيا يحتفل به العراقيون ويستذكرون فيه مواقف الأجداد في رفض الظلم ومحاربة الاحتلال والسيطرة الخارجية، ورفض التعسف وسوء الإدارة من قبل السلطات البريطانية في تلك الحقبة من الزمن، والمطالبة بالاستقلال الوطني. وستبقى مناسبة وطنية تدعونا للتوحد وتقديم المصلحة الوطنية العليا على المصالح الضيقة، والثورة على الظلم والمطالبة ببناء دولة المؤسسات.