خطر العنف الأخلاقي

آراء 2021/07/03
...

 يعقوب يوسف جبر 
في مجتمعنا لا تستغرب عندما تشاهد شخصا مصابا بمرض نفساني أو عقلي، يتعرض إلى الأذى والضرب والسباب والاهانة من قبل أفراد ليسوا من الأسوياء مطلقا، لان الشخص المتزن والسوي والحكيم لا يتصرف بهذه الصورة السوداء.
تأسفت كثيرا عندما رأيت شخصا مصابا بالجنون وهو يتعرض للضرب بوابل من الحجارة من قبل صبية أو شباب أو كهول غير مؤدبين. هل درس هؤلاء في مدارس الأخلاق الفاضلة ؟ 
هل اطلعوا على كتب الحكماء؟
هل قرؤوا كتاب جامع السعادات للشيخ محمد مهدي النراقي؟
الذي يبين لك قواعد الأخلاق الفاضلة؟
ويعلمك كيف تتحول إلى انسان فاضل ومهذب تحب غيرك وتحترمه وتحرص على حقوقه مثلما تحرص على احترام حقوقك.وكيف تهذب شخصيتك لتكون مثالا للجمال الأخلاقي؟ 
لا لم يقرؤوا ولم يطلعوا على الحكمة الأخلاقية التي تسمو بالإنسان إلى مصاف الكمال الإنساني. 
بل يبدو أن هؤلاء الجهلة قد تلقوا دروسا في الجهل والقسوة والعنف، تلقوا دروس العنف والاعتداء على الآخر من المجتمع الأبوي الفظ. تعلموا كيف يعتدي بعضهم على بعض، وكيف يشتم بعضهم بعضا، تعلموا كيف ينهالون بالضرب على الضعفاء من المسلوبة عقولهم. من ينتشل هؤلاء المغفلين من هذا الانحطاط الخلقي؟ 
هل ثمة مناهج في مدارسنا وجامعاتنا لتعليمهم فن الأخلاق وكيفية تربية النفوس؟  لماذا تتقدم على مجتمعنا تلكم المجتمعات الراقية في مجال حقوق الإنسان ذات الطابع الأخلاقي، بينما يتراجع مجتمعنا أخلاقيا رغم أن لدينا تراثا أخلاقيا رائعا موروثا عن الأنبياء وآل البيت؟  فقبل سنوات خلت أصدرت الحكومة اليابانية وثيقة توجيهات تجعل تعلم العادات الحميدة التي كانت سائدة في حقبة إيدو قبل نحو ثلاثة قرون مادة أساسية في المدارس بحلول العام الدراسي 2018، وعزت سبب اتخاذ قرارها هذا إلى وجود علاقة بين تراجع مستوى الأخلاق لدى طلاب المدارس الابتدائية وبين تزايد معدلات الجريمة بين الأحداث. ليست دائما الأنظمة القانونية الخاصة بالعقوبات الزاجرة أو الرادعة، التي نصت عليها بعض مواد قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969 تكفي لتهذيب الأفراد المخطئين، بل لا بد من اعتماد وزارة التربية ووزارة التعليم العالي لمناهج تدرس دروس الأخلاق الفاضلة، وهذه مسؤولية كبرى تقع على عاتق الدولة لتحجيم خطر أخلاقي ما يزال ينتشر كالنار في الهشيم.
فهل حان وقت التغيير؟ أم أن الأمور ستظل تجري وفق مسارات خاطئة؟