عبدالزهرة محمد الهنداوي
بعد الذي شهده العالم من ويلات وآلام، ودمار، بسبب الحروب، تبنى المجتمع الدولي على وضع قوانين تحكم سلوكيات الدول ازاء بعضها، وتضبط ايقاع القوة، وتحدد استعمالات الاسلحة، وتحرم بعضها، وكل ذلك جاء وفقا لمبادئ القانون الدولي، الذي شدد بوجوب الحفاظ على سيادة الدول، بوصفها اساس النظام الدولي الحديث، ووفقا لهذا النظام، فإن لكل دولة، صغرت ام كبرت، كامل السيادة على اراضيها وشؤونها الداخلية، وغير مسموح لاي دولة او قوة خارجية، التدخل في تلك الشؤون، او التجاوز على الاراضي، وإلا عُدّ ذلك تجاوزا سافرا على سيادة تلك الدولة.
ولكن ماهو مقدار الالتزام الدولي، بمبدأ سيادة الدول؟
من الواضح، ان الكثير من البلدان، لم تلتزم بمبادئ القانون الدولي، لاسيما تلك التي تتوافر على عناصر القوة والنفوذ المالي، فقد شهدنا خلال العقود الاخيرة الكثير من التدخلات السافرة، والحروب المدمرة، والاعتداءات غير المبررة، والتجاوزات الفجة، من دول، تعد نفسها حامية للديمقراطية، وحريصة على حقوق الانسان، ومعنية بالمحافظة على السلم العالمي، ولكنها تركت كل تلك القيم خلف ظهرها، واطلقت العنان لطائراتها وصواريخها وكل ترسانتها العسكرية الهائلة، نحو دول اخرى، سعيا وراء مصالحها غير العادلة، مرتكبة الكثير من الجرائم التي يندى لها جبين الانسانية، من دون ان يرف لها جفن على مبادئ حقوق الانسان والبلدان.
وتعد الولايات المتحدة الاميركية، انموذجا صارخا، في كثرة تجاوزاتها على الدول في مختلف انحاء العالم، ومنها العراق، فعلى مدى السنوات الماضية، تعرضت الاراضي العراقية، الى عدد غير قليل من الاعتداءات الاميركية، مرة بالطائرات القاصفة، واخرى بالمسيرة، وثالثة، بالاباتشي، وخامسة بالصواريخ الموجهة.. الخ.
وكان من نتائج تلك الاعتداءات سقوط الكثير من الشهداء، والجرحى، فضلا عن الخسائر المادية الجسيمة، وراحت واشنطن تمعن اكثر في التجاوز على سيادة العراق، عبر استهدافها لرموز ترتبط بسيادة البلد، في مسعى واضح لاستفزاز الشعب العراقي، وبالتالي خلق فوضى عارمة في البلاد، تستثمرها هي لبسط المزيد من النفوذ والسيطرة في المنطقة، وتحقيق مآربها في “الشرق الاوسط الجديد” وما تتطلبه “صفقة القرن” من ترتيبات على الارض.
اذن، ما الذي ينبغي فعله، ازاء قوة غاشمة، مثل اميركا، لا يهمها سوى مصالحها، وهي مستمرة في تجاوزاتها واعتداءاتها على العراق، حتى بعد رحيل ترامب ومجيء بايدن؟.
أعتقد أن الحل يكمن اولا، في استثمار الدبلوماسية، واستخدام كل ما لدينا ومن اوراق ووسائل ضغط، حتى نتمكن من ايقاف الاستهتار الاميركي، ومن ثم تأتي باقي الخطوات.