الدولة واللادولة.. اختلاف منهج أم أسلوب؟

آراء 2021/07/03
...

 محمد حسن الساعدي 
 
يبدو أن المواجهة بين الدولة والسلاح المنفلت تهدد الامن المجتمعي والسلم الاهلي وسيادة الدولة بالرغم من حصول تفاهمات بين الحكومة وبين القوى المسلحة، إلا أنها تبدو غير ناضجة ومهددة بالانهيار، لأن القوى المسلحة لها اجندتها ولها توجهاتها المضرة لمسؤولية الدولة عن الامن 
الوطني.
ما يلفت الانتباه أن الاختلاف بين المنهجين صار ينمو يوما بعد آخر. بين من يحاول دعم القانون والدستور ويريد تقوية الدولة، واخر يريد أن تبقى الدولة ضعيفة ويستقوي 
عليها. 
وهنا لا نتحدث عن شخوص، بل نتحدث عن مناهج، وعن الدولة وأركانها والتي يمثلها الدستور والشعب، الذي يعد أقوى سند
 للدولة.
عند قراءة الواقع السياسي وما تحت قشوره الظاهرية، نجد أنه من الصعوبة إدامة وبقاء التهدئة بين الطرفين، لان كل طرف منهما يريد فرض رؤيته على الآخر، بل وعازمون على تنفيذ رؤيتها على الواقع. بالمقابل فإن الحكومة «كما يظهر على الأقل» تحاول وبأكثر من طريقة استعادة سيطرتها على الدولة، وحماية مصالح العراق وشعبه داخلياً وخارجياً، لذلك فانها ومن منطلق سطوتها وسيطرتها، تحاول مراعاة التوازن في إدارة البلاد، ما يعني انها قد تنجح في التمهيد لدولة مدنية ذات قرار مستقل، بعيد عن لغة وسطوة السلاح المفلت، أو المجاميع المسلحة التي تعمل خارج سلطة الدولة والقانون، فلها رؤية متناقضة تماماً مع القوى التي تدعو الى الدولة، فهي تربط مستقبل العراق ومصالحه العليا من منظورهم وأسلوبهم الثوري. الذي يعتمد القوة والسلاح لغة لأي تفاهم مع أي سلطة كانت.
من الواضح أن التنازع بين هاتين الرؤيتين هو صراع فكر ووجود، وليس لأجل الانسجام والتعايش السلمي بينهما، وعلى الرغم من اعلان واشنطن سحب قواتها من العراق، الا ان وتيرة الهجمات على السفارة او القواعد العسكرية ما زالت في تصاعد، والقوات الأميركية ترد أحيانا بضربات هنا أو هناك، مما يعني أن عملية التناغم بين هاتين الأيديولوجيتين صعبة للغاية، وهذا يدفعنا للتساؤل، هو فعلا لو إنسحبت القوات الأميركية، هل يمكن للمجاميع المسلحة ان نسحب سلاحها الموجه ضد الدولة، وتسلمه
 لها؟!.
هناك حقيقة مهمة يجب ألا نغفل عنها، وهي ان التشكيلات العسكرية التي تعمل تحت إمرة الدولة والقانون، ستبقى سنداً لها وسورا يحمي الوطن، من التهديدات التي تريد الشر بالبلاد، ومنها فصائل الحشد الشعبي التي أثبتت بدمها وتضحياتها، انها حامٍ وراعٍ حقيقي للعراق وشعبه. والحديث عن تضحياتهم يكون بالوقوف إجلالا وإكبارا لهذه التضحيات المهمة، التي استطاعت أن تحمي البلاد من الارهاب الداعشي 
وغيره.
من المنطقي القول إن على السلاح المنفلت والذي منه سلاح العشائر، ان يدخل في سلطة الدولة، وان يكون موجهاً للعدو لا للمواطن العراقي. فانتشار النزاعات العشائرية واستخدام أسحلة متنوعة فيها، يعكس هشاشة العقل الجمعي لدى هذه العشائر، والتي ينبغي لها ان تحترم تاريخها النضالي المشرف، ضد الاٍحتلال والعصابات الإرهابية، وأهمية ودورها الابوي في
 المجتمع.