الغارات الأميركية على العراق وسوريا مخالفة للدستور

آراء 2021/07/06
...

 بروس فين
 ترجمة: أنيس الصفار    
                                           
في الاسبوع الماضي أمر الرئيس {جو بايدن}بتوجيه ضربات جوية داخل العراق وسوريا خلافاً للدستور بادعاء استهداف جماعتين يزعم تورطهما بهجمات وقعت على عناصر أميركية في العراق بالطائرات المسيرة قبل أسابيع من ذلك التاريخ. هذه الضربات جاءت متممة لعمليات قصف منافية للدستور أيضاً قام بها الرئيس بايدن في شهر شباط داخل سوريا واسفرت عن مقتل 22 شخصاً على الأقل.
احتج الرئيس السوري بشار الاسد ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على الضربات، وشجبها الأخير بوصفها انتهاكاً صارخاً ومرفوضاً لسيادة العراق وأمنه القومي، على حد 
تعبيره.
الضربات الجوية التي أمر بتوجيهها الرئيس بايدن تمثل افعال حرب عدائية ضد سوريا والعراق بموجب {نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية}، حيث تعرف المادة 8 مكرر جريمة الاعتداء بأنها تشمل {أعمال القصف التي تنفذها القوات المسلحة التابعة لدولة ما على اراضي دولة اخرى، او استخدامها أي سلاح آخر ضد اراضي تلك 
الدولة}.
في جلسة استماع أمام لجنة الخدمات المسلحة التابعة لمجلس النواب في العام 2011 ضغط العضو الجمهوري{راندي فوربس} على وزير الدفاع آنذاك{روبرت غيتس} بشأن رفض ادارة أوباما اصدار الأمر بضربة صاروخية رداً على الافعال الحربية التي قامت بها ليبيا في زمن الرئيس معمر 
القذافي. سأل فوربس غيتس إن كان إطلاق دولة اجنبية صاروخ كروز على مدينة نيويورك سيعتبر فعلاً من افعال الحرب، مثلما فعلت الولايات المتحدة ضد طرابلس، فرد غيتس:{من الممكن اعتباره كذلك}.
يملي شرط إعلان الحرب (الفقرة 1، القسم 8، البند 11) وفقاً لما هو متعارف عليه عالمياً من قبل واضعي ومعدلي الدستور، ان يكون الكونغرس هو الجهة الوحيدة التي تمتلك سلطة التفويض بالاستخدام الهجومي للقوات المسلحة. 
أما الرئيس فيحتفظ بسلطة درء الهجمات المفاجئة التي يشنها اعداء بادروا بنقض السلام. أما في حالتنا فلم تكن سوريا ولا العراق تهاجمان الولايات المتحدة او عناصر من قواتها المسلحة حين أمر الرئيس بايدن بتوجيه ضرباته 
الجوية. 
لقد كان امام الرئيس متسع من الوقت لأن يطلب من الكونغرس إعلان الحرب بمعيار متناسب.
في العام 2007، عندما كان بايدن عضواً في مجلس الشيوخ يسعى للترشح لرئاسة الديمقراطيين، كان يؤمن بلا تحفظ بمضمون هذه الفقرة غير القابلة للجدل بخصوص إعلان الحرب. 
بل تعهد أن يكون أول من يوجه الاتهام الى الرئيس{جورج دبليو بوش} ويطالب بعزله من منصبه إذا ما تعرضت إيران للهجوم دون إعلان من 
الكونغرس.
في كانون الأول 2007 دار الحوار التالي بين {جو بايدن} و{كرس ماثيوز} من شبكة {أم أس أن بي سي} وفي حوارهما ما يغني عن كتابة مجلدات:
ماثيوز: سبق لك القول أن الأمر سيعد عدواناً يستدعي العزل والإقالة إذا ما شن رئيس الولايات المتحدة هجوماً على إيران بدون اخذ موافقة الكونغرس.
بايدن: هذا مؤكد.
ماثيوز: هل تفكر في مراجعة رأيك هذا؟ أعني .. ما هو موقفك من المسألة الآن؟
بايدن: أود ان اؤكد ثباتي على ذلك التصريح. السبب الذي جعلني ادلي به هو توجيه انذار، وأنا لا انطق بهذه الأمور اعتباطاً، لقد قضيت 17 عاماً في رئاسة اللجنة القضائية او كعضو بارز فيها. 
إنني أستاذ أدرّس مبدأ الفصل بين السلطات والقانون الدستوري، ولذلك أعلم ما أقول، ولهذا السبب قمت بتشكيل مجموعة من اساتذة الدستور كي يحرروا خطاباً سوف القيه امام مجلس شيوخ الولايات المتحدة يشير الى ان الرئيس لا يملك السلطة الدستورية لجر أمتنا الى حرب مع بلد يبلغ تعداد سكانه 70 مليوناً، إلا في حالة تعرضنا للهجوم او إذا ما قدّم دليلاً على أننا نوشك على التعرض لهجوم. 
أما اذا فعلها فسوف اتحرك لعزله، من الواضح ان على مجلس النواب القيام بذلك، ولكني سأقود بنفسي مسعى لعزله.
الأمر هنا لا يكمن في أن حب الرئيس بايدن للدستور قد تراجع فجعله يتخلى دفعة واحدة عن بند إعلان الحرب، ولكن توقه اليوم لامتلاك سلطات تنفيذية أعظم هو الذي تضخم. 
من الواضح أن وزارة العدل قد لاذت بالصمت بخصوص صلاحيات بايدن بقصف سوريا والعراق دون الحصول على أمر قانوني دستوري أولاً، وصمتها هذا إنما ينم عن الحرج التي وقعت فيه الوزارة لعدم قدرتها على الدفاع دستورياً عن موقف الرئيس، لهذا السبب أوكل الأمر الى{جون كيربي} المتحدث باسم البنتاغون كبديل لبيان اسباب اقدام الرئيس على هذا الفعل الحربي من جانب واحد.
علمتنا تجارب الماضي ان نرتاب بأية رواية تخص الحرب حين يكون مصدرها 
البنتاغون. 
فقرار{خليج تونكين} المفتقر الى عمق الرؤية في آب 1964، ذلك الذي تولدت عنه حرب كارثية هي حرب فييتنام، إنما كان من نتاج اكاذيب الفرع 
التنفيذي. 
ليس فقط لأن الحقيقة هي انه لم يكن هناك هجوم بطوربيد ثان من قبل فييتنام الشمالية على السفينتين الحربيتين الأميركيتين {ماتوكس} و{ترنر جوي}، بل لأن التورط الأميركي في هجمات استفزازية قبل ذلك الحدث على فييتنام الشمالية قد جرى التكتم عليه.
نقض التفويضات الممنوحة في عامي 2001 و2002 باستخدام القوة العسكرية لن يجدي في تقييد صلاحيات الرئيس الحربية اللادستورية لأن الرئيس سوف يؤكد استناده الى السلطات الأصيلة التي تخوله إياها الفقرة الثانية بشن الحرب متى ما اختار ذلك باعتباره قائداً عاماً للقوات 
المسلحة. 
كان هذا هو عين الرد الذي أبداه الرئيس {ريتشارد نيكسون} في نقض قرار خليج تونكين لتبرير مواصلة حرب فييتنام.
هناك اسلوبان آمنان فقط للحد من صلاحيات الرئيس على شن الحرب، الأول هو اصدار قرار من الكونغرس يصنفها ضمن الجرائم والمخالفات الكبرى التي تجيز العزل. 
الثاني هو سن قانون يجعل اي انفاق لأموال الولايات المتحدة جريمة إذا ما كانت الغاية منه دعم الاستخدام الهجومي للقوات المسلحة دون إعلان مسبق للحرب من قبل الكونغرس.         
 
عن مؤسسة {رسبونسبل 
ستيتكرافت} للابحاث