الحزام الاخضر

آراء 2021/07/06
...

  سها الشيخلي
 
سميت بلاد وادي الرافدين في حقبة زمنية ماضية بأرض السواد لكثرة البساتين فيها، لكن ظروفا عدة اسهمت في قلة مزارعها، وغياب الحزام الاخضر الذي يتوجب أن يحيط خصر مدننا لمنع مخاطر بيئية وصحية وزراعية والثروة الحيوانية، وفي غيابه أثّر في التربة وجعل زراعة الدونم الواحد تتراجع وفقدت الاراضي الزراعية مراعيها الواسعة، التي كانت مرتعا للمواشي والابقار، اضافة الى خسارتنا مبالغ كبيرة جراء الاتربة التي تصيب المحاصيل 
الزراعية. 
ونعاني اليوم كمواطنين من ارتفاع كبير في درجة حرارة الجو، حتى صارت هذه الايام نصف درجة الغليان وهذه الحرارة الكبيرة زادت من تبخر مياه الانهر والبحيرات، لذا فان ايجاد الحلول اصبح ضرورة ملحة في ظل تجريف البساتين، وتحويلها الى مناطق سكنية، اذ زاد ذلك من كميات الغبار المتجه الى المدن بفعل التصحر وقلة الامطار وهبوب العواصف، خاصة في فصل الصيف، وقبل سنوات كانت هناك خطط لزراعة الاحزمة الخضراء، كحل لتلطيف أجواء الصيف الحارقة، الا انها لم تستند الى اسس علمية منها الفشل في اختيار المواقع الملائمة لتلك الاحزمة ولقلة الثقافة الزراعية.
وفشلت تجربة الحزام في بعض المدن لسوء استخدام الاشجار المزروعة، اذ لا يمكن زراعة الفواكه وأشجار النخيل كاحزمة خضراء، لان الحزام يعد حائطا لصد الأتربة والغبار، وبالتالي سوف تتضرر تلك المحاصيل، وكان لا بد من زراعة أشجار خصصت لهذا الغرض، تسمى (الكابرس)، وهي شجرة تنمو بسرعة وتتحمل كل الظروف المناخية وحالة الطقس الجافة، ويبدو ان المشروع اصطدم بحقيقة عدم توفر مبالغ كبيرة لتنفيذه، لكنه لم يحتسب للفوائد التي ستجنى، حيث سيسهم في تنشيط التربة، خاصة القاحلة منها ويزيد من زراعة الغلة الزراعية ويسهم في تشغيل الايدي العاملة، الا أن غياب الحرص كان اهم الاسباب في عرقلة تنفيذه فصرنا من اوائل المدن التي تعاني الجفاف والمناخ الحار. 
وهناك حقائق يجب ذكرها وهي ان العراق يعاني منذ فترة ليست بالقصيرة من محاولات التجاوز على الغابات، التي شكلت لسنوات طويلة سياجاً اخضر حول المدن، مثل غابات الموصل وغابات جبلة في بابل، وللأسف الشديد ان البعض استغل الظرف الأمني وعدم المتابعة كي يفتك بتلك الغابات، وتحولت بفعل فاعل الى أخشاب للنجارة تارة والفحم تارة اخرى، مع انها مواقع سياحية وتسهم في تلطيف الاجواء وتقلل من ارتفاع درجات حرارة صيفنا التي 
ارهقتنا.