تقويض الوعي

آراء 2021/07/11
...

 قاسم موزان
تبذل الانظمة القمعية ومؤسسات ساندة لها في سياساتها وتوجهاتها قصارى جهودها مع عطايا سخية، نحو تزييف الوعي الجمعي والفردي على حد سواء، واختلاق الازمات وصناعة العدو الوهمي،الذي تسخر له الثروات الهائلة للتصدي له، كل هذا في خطوات بعيدة او قصيرة المدى حسب متطلبات مراحل نمو النظام السياسي الاستبدادي  
لتمكنه من الهيمنة التامة على العقول وترويضها والهائها وفق رغباته الى أن تصبح ادوات خانعة وسهلة الانقياد، ليس لها الحق المشروع في ابداء رأي او التعبير عن موقف، وهذا ما يمكن أن نطلق عليه سياسة التجهيل، التي تعتمد كليا على ازاحة المناطق المضيئة من الوعي وازاحتها باتجاه المناطق المعتمة منه، وانسداد الرؤية الواقعية عما يجري في خبايا وخفايا النظام الخانق، من انتهاكات صارخة او صفقات مشبوهة مسكوت عنها او تنازلات ويدافع عنها بضراوة، اعلام مرعوب ومؤدلج، يشترك معه بديماغوجية مفضوحة في بث ثقافات التجهيل والتبجيل للحاكم المستبد، وتضليل الوقائع والاحداث وخلط الاوراق ازاء قضايا حساسة اوالتقليل منها بسخرية سمجة، وممارسة سياسة التخويف الضمني من العواقب لمن يعارض توجهات الحاكم المتسلط، الذي يصرعلى البقاء لفترة طويلة على راس السلطة.
ما يعني استمرار الجمود السياسي والاجتماعي ويتسبب في انكسارات نفسية حادة لدى الفرد، الامر الذي يؤدي الى الغاء شخصيته ومن ثم انهيارها ويبقى يدور في دائرة الخوف، ما تضعف لديه وسائل دفاعاته ويضعه في وضع «المستقر» على ما هو عليه، من تحديدات مفروضة لا يحيد عنها. وهذه من اساليب «هندسة الجهل» بغية استنزاف الطاقة الذهنية والعقلية للفرد لتصل الى الخدمة التطوعية كطوق نجاة من جرائم او تهديدات محتملة الوقوع في عتمة اجواء بوليسية شرسة .
في ضوء الثورة المعلوماتية الهائلة التي أسهمت الى درجة كبيرة في اختزال الزمان والمكان في تعجيل الاتصالات وتبادل المعلومات بسرعة هائلة، لذا استغلت الانظمة الضاغطة على الحريات الفضاء المفتوح ومنصات التواصل الاجتماعي، بتأسيس جيوش الكترونية لمهام {هندسة العقل} باساليب مبتكرة توافقا مع الثورة المعلوماتية بضخ متسارع من المعلومات بتوليفة بين الحقائق المجتزأة وبين الايهام العقلي، ورغم وضوح الرؤية وانفتاحها لدى الفرد، الا أنها لا تكفي لازالة آثار التجهيل والعبث والخوف.