يقظة التنين الصيني

آراء 2021/07/11
...

 رعد أطياف
 
من كان يتصور أن القارة الصينية ذات الكثافة البشرية الهائلة، والتي فتك بها الأفيون والفقر والانقسام ستنافس القوى العالمية المهيمنة على مراكز الصدارة في الإنتاج العالمي؟.
أكثر من ذلك، إن الأنموذج الصيني لا يشبه أي أنموذج آخر على مر التاريخ، ذلك أن السياسات المُتّبَعَة والبرامج المعمول بها وحجم الإنجازات المتحققة تتجاوز كل الأرقام والمعايير العالمية.
سجّل هذا البلد العملاق، على سبيل المثال، أرقاماً قياسية في التصدي لوباء فيروس كوفيد -  19، وتخطّى حاجز الخطر بوقت قياسي ملحوظ، مما شكّل صدمّة من العيار الثقيل لكل المتابعين للشأن الصيني.
وهو يقترب الآن من السيطرة شبه التامة على هذا الوباء الخطير أمام دهشة العالم أجمع.
وفي كل ما يحدث من اضطرابات وسياسات متعثّرة في هذا العالم، وما تمثلّه التحديات الجدية التي تواجهها الصين بكل احترافية، لم تثنِ عزمها لوضع السياسات اللازمة لمجابهة الفقر، فأعلنت في هذا العام بالقضاء على الفقر نهائياً، بينما لا تزال بلدان لا تشكل نفوسها ربع نفوس الصين تتعثر في تحقيق الاكتفاء الغذائي لشعوبها.
لقد تحققت نبوءة نابليون بونابرت يوم قال «الصين تنين نائم، الويل للعالم إذا استفاق هذا التنين».
فلنمر سريعاً على إنجازات التنين الصيني الذي استيقظ بزمن قياسي وأذهل العالم.
الصين كقوة صاعدة وأنموذج مقنع قادرة على تخطّي أكبر العقبات بلا أدنى شك.
وهذا ما تسجّله الوقائع والاختبارات والأرقام المهولة عن دور الصين بزيادة حجم الإنتاج العالمي.
بعض القدرات الصينية المدهشة تقترب من المعجزة، ولم يحققها بلد آخر على مر التاريخ: رفعت الملايين من خط الفقر، شيدت بنية تحتية حديثة وشبكة هائلة ومعقدة من الطرق والجسور ذات مساحات غير مسبوقة.
وكانت نتائج هذه الشبكة الواسعة أن ربطت الريف والضواحي الصغيرة بالمدن الكبيرة، ولم يعد العامل الصيني يستغرق سوى دقائق معدودة للوصول إلى موقع عمله. 
تكدّس الصين مئات المليارات من العملة الصعبة ومئات الأطنان من الذهب كخزين نقدي، وأثبتت للعالم أن الكثافة البشرية عامل قوة إذا تم استثمارها بشكل صحيح.
عملت على استثمار أعظم ما موجود في الحضارة الغربية، ترسل آلاف الشباب سنوياً لخيرة الجامعات الأوروبية والأميركية، وتمتلك آلاف الباحثين والعلماء، وتستثمر مليارات الدولارات للتكنولوجيا المتقدمة.. خلاصة الأمر: استطاعت الصين اختراق الاحتكارات النادرة للحضارة الغربية، وهي اليوم تتربع على عرش القوى الأربع: القوة السياسية، القوة الاقتصادية، القوة العسكرية، القوة الثقافية.
هذه هي أدوات الهيمنة.
فهل يمكننا أن نستلهم هذه التجربة الفتية والملهمة والمحيرة بالوقت نفسه، خصوصاً أننا بلد يعوم على بحيرة من النفط؟.
لنحلم فالحلم حق.