المناطق الحَضَريّة

آراء 2021/07/12
...

  ريسان الخزعلي
 
تمتاز المدن المتطوّرة أو حتى الأقل تطوّراً في معظم الدوَل بوجود مناطق يُطلق عليها «المناطق الحَضَريّة». ومثل هذه المناطق تُنشأ وفق خطط ستراتيجية تقوم بها الوحدات البلدية المختصّة، وعادة ما تُسمّى هذه الوحدات بدوائر التخطيط المدني والعمراني والحَضَري، ومن أهم أعمالها تحديد طبيعة المناطق ومواقعها والهدف من انشائها .
تُعرّف المنطقة الخضراء وفق التوصيف البلدي بأنها «مساحة من الأرض تقع ضمن حدود المدينة وتتميّز بصفات طبيعيّة واجتماعية معيّنة». وتبعاً لهذا التوصيف، فأنَّ المدينة تُقسّم إلى عدد من «المناطق الحَضَرية تتخصص كلٌّ منها بوظائف معينة كالوظائف الصناعية والتجارية والإدارية والسكنية».
إنَّ المناطق الحَضَرية متعددة الوظائف تعكس درجات متباينة من الغنى والرفاهية والصحة والمشكلات الاجتماعية. ويعتمد انشاؤها على سياسة الدولة الرسمية ورؤيتها المستقبلية، وموقفها من موضوع التخطيط المدني والعمراني والحَضَري وقدرتها في التنفيذ.
ويُشير معجم علم الاجتماع، تاريخياً، إلى أنَّ أوّل دولة إنتهجت برامج تقسيم المدينة إلى أقاليم ومناطيق حَضَرية، هي ألمانيا، ثمَّ تبعتها بريطانيا، وخطت خطوات أوسع وأدق عندما شرّعت لائحة تُعرف بلائحة تخطيط المدن العام 1909 . وبعد ذلك تم تطبيق «برامج تقسيم المدينة إلى مناطق حَضَرية» في عدد من المدن الأميركية خلال النصف الأوّل من القرن العشرين. وهكذا نلاحظ أنَّ الدول العظمى لا تترد في تطبيق برامج دول أخرى، حينما تجدها ذات نفعٍ مديني/ اقتصادي/ جمالي .
إنَّ فرض بعض القيود من قبل الدولة في مجال انشاء المناطق الحَضَريّة بطريقة مدروسة، قد يحقق بعض الفوائد التي تضمن المحافظة على طبيعة هذه المناطق، وكمثال على ذلك، فرض القيود المشددة على انشاء عمارات جديدة في الجزء التجاري من المدينة، حيث يُساعد مثل هذا الفرض في المحافظة على الطابع الأصيل لهذا الجزء ووظيفته التجارية الخاصة .
وفي المفتتح الأخير لهذه الإشارة، يُمكن التذكير بما أعلنت عنه وزارة الصناعة والمعادن في حكومتنا منذ سنوات عن نيّتها في انشاء مدن صناعية في مناطق مختلفة من العراق، وربما تحقق الإنشاء وتقدّمت مراحل الانجاز بنسب جيدة، ما هو إلّا خطوة في الاتجاه الصحيح المنسجم مع برامج المناطق الحَضَرية. كما إنَّ موضوع هذه المناطق وعلى مختلف الاختصاصات، لابدَّ أن يحظى بالمزيد من الاهتمام، تخطيطاً وتنفيذاً من أجل تنويع ايرادات الإقتصاد الوطني.