ملكي وجمهوري

الصفحة الاخيرة 2021/07/12
...

عبد الهادي مهودر
جمَعت بغداد لقاء القمة الثلاثي بين العراق الجمهوري مع الاردن الملكي ومصر ذات النظام الجمهوري ايضا، ولكل بلد من البلدان العربية الثلاثة تجربته وظروفه، ومصر مثل العراق تحولت من الملكية الى الجمهورية، وسارت نظمها الثورية والجمهورية بمسارات أقل دموية منّا، وبفترات حروب تحسب بالأيام وليس بالسنين، بينما بقيت الاردن مملكة هاشمية منذ قيامها، وللعراق تاريخه المعروف في الحقبتين الملكية والجمهورية. ولكلا النظامين محبون ومبغضون ينطلقون من قناعات ودوافع متباينة ويحاكمونهم بمعطيات الحاضر، وليس لأبناء الأجيال اللاحقة، الذين لم يعاصروا العهدين غير المعلومات السماعية، لكن الأذن تعشق قبل العين أحيانا، وحين جاء الجمهوريون الى العراق كانت مصر جمال عبدالناصر اول المؤيدين وخرجت جريدة الاهرام بعنوانها الشهير (الثورة في العراق)، ثم انقلبت العلاقة الى خصومة بين النظامين الجمهوريين، وفي العراق للملكية عشاقها وللزعيم عبدالكريم قاسم وجمهوريته محبون، يعتقدون من فرط الحب ظهور وجهه في القمر، ويمتد الحنين الى حقب الجمهوريات اللاحقة، التي جرت فيها انهار الدم برافدين احمرين، لكنه الحنين نفسه الذي يتعدى من جيل الى جيل هو الآخر  يعشق بإذنه، ليتكرر مشهد السجال والولاء والحديث عن المحاسن وإخفاء المساوئ بعين المحب المطلق والساخط المطلق، والحنين الموروث الذي نعيشه اليوم يتجدد سنوياً في شهر تموز ومع ارتفاع درجات الحرارة، حنين متقاطع الى حد اللعنة بين الموالين والمبغضين، حنين يرى أن الحق كله قد ظهر للباطل كله ولا يرى مناطق بيضاء لدى الآخر مطلقاً، حنين يتعمق بالانقسامات السياسية والقومية والطائفية، أغربه انقسام ابناء هذا الجيل الذي لا يعرف من العهود الماضية غير الصور الشخصية لحكامها وبعض ما تركوه من أثر، وما تجود به بطون الكتب وذكريات الامهات والآباء وحكايات جدتي، والثابت ان كلا النظامين الملكي والجمهوري يمثلان جزءاً من تاريخ العراق السياسي، ولكل النظم المتعاقبة سيئات وحسنات، أما الجدل المتجدد فيشدنا إلى الوراء ويغذي الخصومات، من دون غالب ومغلوب، ومع تجدده  السنوي نحلم بأنموذج حياة أفضل من الماضي وأن ينتج لنا (الخلاط) العراقي عصير الدولة المنتظَرة .