قنبلة إيران النوويَّة

آراء 2021/07/13
...

 د.قيس العزاوي
لم ينشغل العالم الغربي منذ نهاية الحرب الباردة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وحتى اليوم بقدر انشغاله بقنبلة إيران النووية.. سنوات تفاوض مرهقة بين إيران وست دول هي: الصين، روسيا، أميركا، فرنسا، ألمانيا وبريطانيا انتهت بتوقيع الاتفاق النووي عام 2015، أجهضت سنوات التفاوض بانسحاب اميركا من الاتفاق النووي عام 2018، بيد أن القلق الغربي وبخاصة قلق إسرائيل بشأن إمكانية امتلاك إيران لقدرات نووية بقي يشغل جميع الأجهزة السرية الاميركية والإسرائيلية والغربية ووكالة الطاقة الدولية والدول الاقليمية.. الكل يدلي بتقديرات وتبقى أقرب صورة معبرة عن الواقع هي الآتية:
أولاً: يعود اهتمام ايران النووي الى عام 1957، بتوقيع واشنطن وطهران اتفاقاً للتعاون في الأغراض النووية المدنية، وبعد 10 سنوات، منحت الولايات المتحدة مركز البحوث النووية في جامعة طهران مفاعلاً نووياً بقدرة 5 ميغاواط، وزودته باليورانيوم المخصب بدرجة 93 بالمئة اللازم لتشغيله للأغراض البحثية، وهي درجة تخصيب مستخدمة في إنتاج الأسلحة 
النووية. 
وقع الشاه أيضاً اتفاقاً للتعاون النووي مع جنوب أفريقيا. 
وفي عام 1974 تطور النشاط النووي الإيراني بعد قيام شاه إيران بإنشاء منظمة الطاقة النووية الإيرانية، وكذلك مركز امير اباد للبحوث النووية في طهران.
ثانياً: توسع الشاه في التعاون مع العالم الخارجي في المجالات النووية وبالاعتماد على الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا، وضع خطة لاقامة اكثر من عشرين مفاعلا نوويا في ايران وتوقع لها أن تبدأ العمل منتصف التسعينات، وتمكن الشاه من شراء ستة مفاعلات إضافية، وقام بمباحثات مع المانيا وفرنسا والولايات المتحدة لشراء عشرة مفاعلات اخرى بكلفة 30 مليار دولار، وارسال الاف الايرانيين لاكتساب الخبرات العلمية في المجال النووي الى فرنسا، والمانيا، والهند، وباكستان. 
ويجزم الخبراء ان تاريخ نقل تكنولوجيا التخصيب بالطرد المركزي من باكستان إلى إيران يعود إلى منتصف التسعينيات على الأقل.
ثالثاً : وينص الاتفاق النووي المبرم مع ايران على ألا تزيد الأخيرة نسبة تخصيب اليورانيوم عن3.67 بالمئة، ولكن ايران-بسبب انسحاب أميركا من الاتفاق- قامت برفع درجة تخصيبها الى 60 بالمئة. 
وقد حصنت الحكومة الإيرانية نفسها برلمانياً حين منع البرلمان الإيراني السماح للمفتشين التابعين للأمم المتحدة بزيارة المواقع النووية الإيرانية وطالب الحكومة بتخصيبها اليورانيوم بالنسبة التي تراها إذا لم تُخفف العقوبات المفروضة على إيران في غضون شهرين، ولم 
تخفض!.
رابعاً : يؤكد سايمون هندرسون مدير {برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة} في معهد واشنطن أن انسحاب الرئيس السابق ترامب من {خطة العمل الشاملة المشتركة}، دفع إيران للتخلي عن التزاماتها وتشغيل أجهزة طرد مركزي أكثر كفاءة، وبناء مخزوناتها من اليورانيوم شبه المخصب. 
وكان إعلان طهران الأخير بأنها بدأت بتخصيب نظير اليورانيوم-235 بنسبة 60 %، وهي المادة المتفجرة الفعلية، خطوة مُفزعة. 
ففي تلك المرحلة يكون قد تم القيام بمعظم العمل الشاق للتخصيب اللازم لتحقيق الرقم السحري البالغ 90 %،  أي درجة انتاج سلاح 
نووي.
خامساً: على الرغم من ادعاء إيران أنها تجري أبحاثا بهدف إنتاج وقود لمفاعل بحثي. 
لكن معدن اليورانيوم يمكن أن يستخدم لإنتاج نواة قنبلة نووية. 
ولم تنجح محاولات جهاز الموساد الإسرائيلي بتفجير مصنع لتجميع أجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز الرئيسة في وقف البرنامج النووي او تأخيره، فالولايات المتحدة وفقاً لمعهد واشنطن ترى أن إيران تمتلك قوة هجوم صاروخي ذات رؤوس نووية ولديها ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب للقيام بتفجير تجريبي واحد على 
الأقل.
سادساً: من أولويات الرئيس الاميركي بايدن منذ فوزه وحتى الآن العودة الى الاتفاق النووي ومصالحة ايران برفع العقوبات عنها واستيعاب الطموحات التركية والحث على اعتدال حكام إسرائيل ضمانة لأمنهم.. وتلك سياسات معلنة، ستجد سريعاً صداها على ساحة العلاقات الدولية..
يبقى أن نتعض نحن العرب من مترتبات امتلاك ايران للسلاح النووي ومما ستفرزه التسويات الإقليمية على النظام العربي، فالغرب عازم على مغادرتنا لكي يتفرغ لمواجهات ستراتيجية أكبر من أزمات الشرق الأوسط فمصير الغرب تقرره التحديات الصينية والروسية!!