العراق الى أين؟

آراء 2021/07/18
...

 أ.د.جاسم يونس الحريري
من ينظر الى حال العراق اليوم يراه يواجه كثيرا من الاشكاليات المستعصية في مرتكزاته السياسية والاقتصادية، والامنية، وهذا الامر ليس ناتجا من فراغ، بل توجد هناك عوامل داخلية وخارجية عملت على وصوله الى انسدادات داخلية عمّقت من أزماته، وسمحت للاجندات الخارجية التدخل في مساراته، وتحويلها لصالحها بعلم النخبة السياسية
 أو من دون علمها، فعلى سبيل المثال لا الحصر يبدو أنه كلما اقترب العراق من موعد الانتخابات المبكرة المزمع عقدها في العاشر من تشرين الاول/ أكتوبر2021 ازدادت الازمات السياسية، والاقتصادية، وأصيب المواطن بخيبة آمل لما يعانيه من حياته اليومية ومن نكباته المتكررة، فخذ مثلا كثرة أستهداف الابراج الكهربائية الناقلة للطاقة يوميا داخل وخارج بغداد، وهذا أثر في ساعات تزويده بالطاقة، واستغلال أصحاب المولدات الاهلية لذلك ورفع سعر الامبير المباع الى المواطن الى الضعف، وكثرة الحرائق المدمرة في المستشفيات منذ حريق مستشفى ابن الخطيب في بغداد الى حريق مستشفى الحسين التعليمي الاخير في محافظة ذي قار، ودوائر الدولة الاخرى ومنها الحريق الاخير في وزارة الصحة، والحرائق في الاسواق منها حريق سوق وعلوة جميلة وأسواق في منطقة الرصافي والشورجة في قلب العاصمة العراقية، فضلا عن أزمة الكهرباء الخانقة، وانقطاع المياه الصالحة للشرب عن مناطق عديدة في بغداد والمحافظات، وزيادة نسبة الملوحة في محافظة البصرة، وازدياد انتشار السلالة الجديدة من وباء كورونا، واستمرار أزمة التضخم المالي بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، وتدني قيمة الدينار العراقي، وتعذر المواطن البسيط التبضع من الاسواق لتوفير حاجاته الانسانية والغذائية بسبب ارتفاع الاسعار، وازدياد نسبة السكان تحت خط الفقر، واستمرار مشكلة العاطلين عن العمل، والصراع السياسي والحزبي للفوز بمقاعد البرلمان القادم، وعدم وجود توافق رسمي وحزبي وسياسي لتقديم حلول ناجعة للمواطن لان البلد منشغل، ومكرس طاقاته بنتائج الانتخابات المقبلة، لذلك الذي يستعرض المواقع الالكترونية في وسائل التواصل الاجتماعي يرى الاعلام المكثف للمرشحين، وتواجدهم في المناطق الشعبية، خاصة الذين تولوا عضوية مجلس النواب في دورات سابقة لكسب أصواتها، والمواطن يقف مذهولا من هذا الاهتمام المفاجئ به، بحيث اختلت عنده الموازيين، فمثلا أنه مضى عليه فترة طويلة لم يستلم «الحصة التموينية»، ومفرداتها الفقيرة من سكر وزيت، وأرز، وظهور فجأة ما يسمى بـ«السلة الغذائية» وبمواصفات نوعية وحسب تصريحات وزارة التجارة مع قرب الانتخابات، بحيث يتساءل المواطن أين كانت هذه السلة في فترة الحظر الصحي السابق في بداية شدة انتشار وباء كورونا «كوفيد - 19» قبل سنة ونصف السنة أو أكثر، ومعظم الأسر الفقيرة تعمل بالقوت اليومي وبقيت محجوزة في بيوتها بسبب الوباء اللعين، مما سبب اختلالا في دخلها المالي وضعفا وتذبذبا في قوتها اليومي. المهم إن البلد يعيش في دوامة الازمات المتوالية التي لاتخدم سوى الاجندات الاقليمية والدولية، التي دفعت على سبيل المثال انشاء تركيا قواعد عسكرية في شمال العراق من دون الرجوع الى بغداد، والقصف التركي المتكرر على المناطق الحدودية التي تكون آهلة بالاحياء السكنية في اقليم كردستان العراق، بحجة ملاحقة حزب العمال الكردستاني P.K.K، وتقليل اطلاقات المياه الى العراق من تركيا مع بدء فصل الصيف، وبقاء اشكالية الوجود العسكري الاميركي في العراق وعدم حسمه حتى الان، وهذه الاجندات تحرص على بقاء وضع العراق غير مستقر، ويعيش وفق نظرية «الفوضى الخلاقة» ولا سبيل للعراق سوى الاحتكام الى المرتكزات التالية: 
1 - وضع المصلحة الوطنية العراقية من قبل الجميع فوق كل المصالح الفئوية، والجهوية، والطائفية الاخرى.
2 - تلاحم وتكاتف الكتل السياسية العراقية في ما بينها لانقاذ العراق والتخلص من أزماته الجوهرية، لأن هذا التكاتف بالرغم من صعوبة تحقيقه بسبب جوهر الحياة السياسية عموما مبنية على «الصراع» وليس على أساس «التعاون»، الا أن هذا التكاتف سيرسم صورة تعيد الثقة في ذهن المواطن الذي قطعته المحاصصة الطائفية والعرقية التي زرعها الاحتلال الاميركي البغيض بعد2003.
3 - جعل الانتخابات البرلمانية المقبلة هي وسيلة وليست غاية سياسية لان خدمة المواطن غاية وطنية، قبل أن تكون غاية حزبية للوصول الى السلطة.