هل عفا الزمن على الرجال؟

ثقافة 2021/07/27
...

ابتهال بليبل 
 
وصلني كتاب مناظرة رباعية بين نسويات وهن (مورين دوود، وهانا روزن، وكايتلين موران، وكاميلي باليا) بشأن سؤال (هل عفا الزمن على الرجال؟) في لحظة تميزت بامتلاك الرجال 99 بالمئة من ثروات العالم، وسيطرتهم على ستة وستين مركزاً من أصل اثنين وسبعين على قائمة مجلة فورتشن لـ (أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم) فضلا عن مناصب رئاسية مهمة ومسؤوليات دقيقة عن قوى عسكرية وغير ذلك من مهن حسّاسة يهيمنون عليها. 
كانت المناظرة التي ترجمتها: شهد هادي وراجعتها وقدمت لها: رقية طارق فكرة خيالية وغامضة لأنها تستكشف الفروقات والاختلافات بين الأنواع الاجتماعية عندما يُعتقد أن النسوية تعني القضاء على الرجال أو أنها تقف ضدهم.
ومع ذلك، لنفترض أن الرجال الذين يرتكبون جرائم ضد المرأة تبدو جرائمهم مستساغة في الأنظمة الأبوية إلّا أن هذا لن يقوض هوية أو مكانة الرجل عندما نفكر بعقلية الدولة المربية وبسلوك الآخر. 
ومن الواضح أن المرأة، ما لم تكن نسوية مرتبطة حياتها بعمق مع الثقافة الذكورية، ستنظر إلى هذا السؤال على أنه منطقي وحقيقي، ولكن ماذا لو طرحت على نفسها السؤال الآتي: هل يمكن للمرأة أن تفوز إذا خسر الرجال؟ إذا كان الجواب بـ (نعم) فكيف سيؤثر التغيير علينا كنساء؟ أسيكون جيداً أم لا؟ 
تقول هانا روزين وهي محررة وصحافية نسوية إن (نهاية الرجال تغذي أسوأ تغير اجتماعي يحدث في العالم ألّا وهو تقوية عدم المساواة)، والمساواة هي بالأساس من مهام النسوية التي تسعى لتحقيقها، ومن ثمّ فإن الفوز مقابل خسارة الرجل أو القضاء على وجوده، في اعتقادي، هو أكثر من مشكلة إيجاد حلول مناسبة لتمكين المرأة، بل هو من الوعي المنقسم الذي لا يتخلى عن النجاح الزائف للأنوثة الرمزية. 
إن من أهم مهام النسوية -كما نعرف جيداً- هي أنها موجهة لحل المشكلات الإنسانية، وهذا يعني مشكلة المرأة ومشكلة الرجل أيضاً، فإذا تركنا التركيز على الصور النمطية للمرأة والتحيز الجنسي وتطبيع الإيذاء الجسدي والنفسي الذي يتغلغل في أنظمة المجتمع الذكورية وكذلك محاولات النساء في تقويضها عبر أوهام مجتمع نسائي منفصل سيحل الخراب على الإنسانية عموماً، لذا فإن فكرة (انهاء الرجال) حجة رخيصة تستعمل لمهاجمة النسويات عندما يُفترض أن النسوية هي المشكلة -وليس تحقيق العدالة الاجتماعية للمرأة والرجل معاً- وكما تقول كاميلي باليا وهي أكاديمية وناقدة اجتماعية إن (الكثير ممن لا يعيرون للنسوية انتباهاً كأنهم مفصولون عن الواقع تماماً).  
وأخيراً.. فإن هذا الكتاب وأمثاله محاولات مهمة لتحريك مياه راكدة في نهر الفكر الانساني بشكل عام ونهر النسوية بشكل خاص.. من أجل نقاء تام ووضوح أنصع وتفهّم أكثر.