شكوى ضد قلمي!

الصفحة الاخيرة 2021/07/28
...

زيد الحلي
ارفع لكم اليوم شكواي ضد قلمي، فقد عصى اوامري، ولم اقو على ردعه، فهو متذرع بقسوة (جمرة القيظ) التي حلت بنا وتأثيرها المباشر في الارض والانسان، كونها ادت الى زيادة شديدة في درجة 
حرارة سطح الارض نتيجة ارتفاع في تراكيز ثاني اوكسيد الكربون والميثان، لتصل إلى 50 مئوية في الظل وتتجاوز 70 تحت أشعة الشمس، حاولت معه باللين مرات، وفي الشدة مرات، لكن من دون نتيجة، ذاكرا له ان القلم شجرة ثمرتها الافكار والرؤية 
المجتمعية السليمة،  وهو ايضا مرآة القلب وترجمان العقل، ورسول رحمة و هداية و عطاء ولا رابط له بين دوران الفصول ودوران الحالة المزاجية والابداعية، غير انه اصر على عناده وتركني في حيرة من 
امري!.
فهل قلمي على صواب؟ وان فصل الصيف هو فصل موات اذ تهرب الحروف من الكاتب وينتهي مداد القلم، وتصبح الصفحات التي امامه صماء بكماء رغم كل محاولاته في ترويض هذه الحالة، قبل أن تتطور، وتصبح  الكتابة نفسها مزاجاً يتلبس الكاتب بمجرد أن يجلس إلى الورقة، سواء وجدت لديه تلك الرغبة المسيطرة 
أم لا؟.
امس هو موعد تقديم عمودي الاسبوعي، ليُنشر اليوم، الافكار شاردة بسبب موجة الحر، والجسم يتصبب عرقاً، والمزاج مشوش والتفكير مبعثر والقلم متمرد، اذ فقد الذاكــرة وضل الطريــق، لقد صدق طه حسين  بقوله انه يرى الصيف فصلا للغو وليس للجد، ومع ذلك، احاول استلطاف  قلمي، واقناعه على معاونتي بإزالة 
كرب هذا الجو الخانق عن نفسي، في محاولة لقنص فكرة صحفية، لتقديمها الى القارئ، لكن هذا الاستلطاف انصهر، فضاع في فضاء الامنيات رغم اعلامه ان قلم  الكاتب المسرحي الانكليزي الشهير تنسي وليامز كان يكتب تحت درجة حرارة مفزعة, وان مسرحيته الشهيرة (فجأة في الصيف الماضي) التي تتحدث عن بيئة قاسية  كتبها وهو يتصبب عرقا في ظل مناخ قاس وجاف، لكن قلمي لم 
يقتنع.. 
إنها محنة القلم حين يعصيك، ومحنة  الكتابة وضريبتها حين تبتعد عنك، وعذرا للقارئ!.