تراث ومعاصرة

الصفحة الاخيرة 2021/07/29
...

 حسن العاني
 
في عام (203) للهجرة استأذن وفد من هوازن للدخول على رئيس الجمهورية – كان في ذلك الزمن يدعى الخليفة، وصلاحياته في لغة العصر الحديث هي صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء – وبعد حصولهم على الاذن مثلوا امامه، ووقف ممثلهم او خطيبهم فسأله الخليفة :
• ما خطب (أهلنا) من هوازن؟! – اهلنا في لغة العصر تعني شعبنا – .
• يا فخامة الرئيس – في ذلك الزمن كانوا يخاطبونه على النحو التالي : يا مولانا الخليفة أيده الله بنصره – انما قصدناك لعلمنا بان الحق لا يضيع عندك..
• سأكون كذلك.. فأفصح عن شكواك او حاجتك !.
• كان لنا فتى من خيرة فتياننا يرعى ابله فاغار عليه بضعة رجال ملثمين واعتدوا عليه وسرقوا ثلاثة من الابل ولاذوا بالفرار !.
• ويح ما اسمع .. لن يمر اعتداؤهم من دون قصاص، وماذا غير ذلك؟.
• اطال الله عمرك وابعد عنك الغضب، فقد شاع بين الناس خبر ابينا تصديقه يفيد بانكم تعرفون المعتدين !.
• نحن يا اشراف هوازن نعلم مالا تعلمون، وقد بلغني خبر الاعتداء والسرقة قبل أن يبلغكم، اطمئنوا وانصرفوا بسلام فو الذي نفسي بيده سينالون العقاب وتعود اليكم الابل.
وفي ذلك العام نفسه استأذن وفد من وجهاء ذبيان بالدخول على وزير الخليفة، واشتكى ممثلهم او خطيبهم قائلاً :
• معالي الوزير – هذا في لغة العصر، اما في تلك السنة الهجرية فخاطبه قائلاً : مولاي الوزير حفظكم الله وحفظ الخليفة، لقد قام رجال ملثمون بقتل شاب من افضل شبابنا ورموا جثته على حافة النهر، وقد شاع خبر في المدينة – لم نصدقه – انهم 
من اتباعك.
• البلاد طافحة بالشائعات لعن الله مروجيها، اطمئنوا فانا اعرف القتلة وسأضربهم بيد من حديد!.
غادر الوفد مطمئناً، ومنذ ذلك العام ومئات الوفود تقصد الخلفاء او وزراءهم لانهم تعرضوا الى السرقة او القتل، ويسمعون وعوداً بالاقتصاص منهم و .. و انصرمت قرون وانتهى عهد الخلفاء مثلما انتهى عهد السلاطين وشكوى القبائل لم تتوقف ضد الحرامية والقتلة الذين يعرفهم الجميع وفي مقدمتهم الخلفاء والوزراء والسلاطين ولكن احداً منهم لم يتعرض حتى الى المساءلة !.
تنويه : لم اعثر على مفردة تراثية تعطي معنى المساءلة!.