شداد عبد القهار .. دوافع التجريد والتمسك بخيار التجريب

ثقافة 2021/08/04
...

  خضير الزيدي 
 
عرف عن شداد عبد القهار مهارته في الرسم، وحقق في ذلك عشرات الأعمال انطوت بين التعبيرية والتجريدية. وأسهم في معارض مع اسماء مهمة ومنفردا وفي كل معرض يجتهد بمستوى فني يحقق لاسمه مساحة من الاهتمام بين اقرانه من الجيل الثمانيني. 
هذا الفنان خلق لنفسه اسما فنيا يجعله في صدارة من يمارس الرسم ولكن غيابه عن المشهد بعد الاحتلال وانطوائه في عزلته جعلتنا في فجوة معه إذا لم يتسن لنا معرفة جديده وكيف يفكر وما الذي يستخلصه من روح التجربة الجماعية او تفرده في مرحلة الثمانينيات والتسعينيات وما تلاها من اقامة لأكثر من
معرض.
المهم اننا نجد في اعماله الفنية بأنها لا تنتزع للمغادرة من ذهنية المتلقي انها تجعلنا نستوعب ونواجه مجال اللوحة عنده لقد تفوقت رسوماته من خلال الترابط البنائي داخلها وطريقة اشتغاله واهتمامه بمسؤولية عالية ليظهر أنموذجا متقدما من العمل وأبعاده النفسية والتعبيرية، شداد من الفنانين الذين يتركون اثرا يستمده من التجريب في الخامات وترابطها، فضلا عن مغامرة في التلاعب على السطح التصويري فهو يبرهن لنا ان في الفن قدرة من البراهين الجمالية علينا متابعتها، ولعل أقربها الينا ما يتعزز في وضع  الختم الخاص في أغلب اعماله هذا يمثل قاسما مشترك بين رؤية للتجديد في الفن واحتفاظه بأسلوب خاص باسمه الفني. لكننا كمتلقين لأعماله نجد فكرة التحليق بالمرأة وإقصاء العقل منها ووضع جناحين للتحليق يبرهنان تموج مناخه
التعبيري.
بمعنى ان اقصاء العقل وإبقاء الجسد هو ايذان بالتغني بالايروتيك والعاطفة بينما لا تجابه فكرة اقصاء العقل إلا بمرجعيات تنتج عنها المغايرة لهذا بدت اغلب منجزاته ذات ايحاء عاطفي شفاف ينقلنا لهواجس جسد المرأة، ومثل هكذا نزعة تعد مدخلا لفهم الحالة النفسية
للفنان.
 في الجهة الاخرى يتأسس خطاب صوري يمزج بين التشخيصية والتجريد والأخير تجريد هندسي يتقابل مع هيمنة لمعنى بعيد عنا  قد نهتدي اليه او لا نعيه وهذا التوجه يعيد للفن الخاص به وظيفة رمزية بعيدا عن الاباحية الجنسية حينما يدخلنا التأويل لأشكال المرأة في عمله سواء الكولاج او التخطيط، وكل تلك الاعمال تتعاظم فيها الجوانب الحسية بما يجعل متلقي العمل تتملكه الدهشة من خلال خاصية الاسلوب وطريقة التفكير برسالة المحتوى الجمالي
 والتعبيري. 
مخيلة هذا الفنان غنية بالتنوع  في عالم الرسم فقد حافظ على شرط مهم في اسلوبه وهو الابتعاد عن الاخطاء التي تظهر عند بعض الفنانين، اخطاء ليس من قبيل التكرار انما توظيف ما استهلك لهذا نراه ينأى بنفسه ومخيلته باتجاه التجريب والبحث عن ممكنات جمالية وأسلوبية تنحصر بطاقة من التعبيري
الحي. 
فمن يعرف شداد يجده بعيدا عن هوس الحداثة والتغني بها لنعترف هنا بأن ما يشغله مساحة الجمال في عمله فهو لا يميل الى فن متشنج ومتكرر انما يبث رغبة جامحة وبنداء داخلي باتجاه مركز الفن. 
هذا التحول له رؤيته من الخطاب البصري تكشف عنه متابعته لكل فن جديد، فن يحمل ويسعى للتنوع والمثابرة، فن يعيد قراءة الجسد الادمي بعيدا عن الشهوانية، وبالأخير يمثل قيمة الانسان ويدعوه
للمسؤولية.