ثنائية الموت والحياة .. في عرضين على (الرافدين) و(سميرأميس)

الصفحة الاخيرة 2021/08/07
...

  بغداد: الصباح
عرضان من بغداد والناصرية، شغلا مساء الاربعاء الماضي، على خشبتي (سميرأميس) و(الرافدين)، إذ قدم مشغل (دنيا) للإنتاج السينمائي والمسرحي، في ذي قار، مسرحية «ميت مات» تأليف وإخراج علي عبد النبي الزيدي، في الثامنة من مساء الأربعاء الماضي، على خشبة مسرح الرافدين، ضمن فعاليات مهرجان العراق الوطني للمسرح.
شكل العرض لمحة متميزة بين مسرحيات المهرجان، قابله الجمهور الذي اكتظت به مدرجات «الرافدين» بإقبال كبير.
بدأت المسرحية بجلوس شابين مقعدين على مصطبتين في قبريهما المتجاورين منذ ألف عام ونيف، يتبادلان حواراً مسترخياً، كلاهما يتهم الآخر بإيقاظه، وهما ينتظران قدوم منقذهما.
تشويق جمالي يعتمد وعي المشاهد ويؤسس روح المفارقة الراسخة في قناعاته القبلية.. الديكور ستارتان بيضاوان وموسيقى جنائزية تشكل خلفية وعي لجماليات الرؤية.
إسترسلت المسرحية بتناوب ايقاعي ذي كلمات تدل على أنهما إستنفدا قاموس الالفاظ منذ ألف ونيف.. برتابة إيقاعية شيقة، نالت إعجاب الجمهور الذي إنفلتت منه تعابيراستحسان.. «قد يكون كلانا أكبر سنا من الآخر».
تتضح ملامح حبيبيهما.. الأول ينتظر (غودو) والآخر ينتظر (مولانا)، فينتشي الجمهور بسحر اتضاح أن الاول (مولانا) والثاني (غودو) لينقذهما من تحول الحب الى دم، فهما معوقا حرب.. نسيا في أي من الحروب الهوجاء التي صبت حممها على رأسيهما.. توفيا، من دون أن ترد كلمة شهادة؛ كي لا يعترف المؤلف بأحقية الموت الرسالي في نهايتيهما المشتركة: «أنا سجين عدالتك الموعودة».
وعرض «شريط كراب الأخير» تأليف صاموئيل بيكيت وتمثيل طه المشهداني وميلاد سري وبسمان عتيشه.. إخراج علي حبيب، في الخامسة من مساء اليوم ذاته، في مسرح «سميرأميس» مجتراً معاناة العراقيين خلال حرب الثمانينيات، من خلال تداعيات رجل مأزوم، إنفلت من الحرب بأوراق مزورة، وعاش مصادفة؛ فظل ينهار مع ترسخ شعوره بأن الموت قدر وما استمراره في الحياة إلا فرصة أخرى للوجود، لا يريد استثمارها، إنما يعيش مأزوماً. إنتشرت عقدة الموت على مساحة خشبة المسرح، وتفاعل معها المشاهدون، يغذون بذرة النهاية النامية في الذات العراقية.
قال د. عبد الرحمن التميمي: «العرض أثبت أن جيلاً كاملاً لن تمحى الحرب من ذاكرته ما زالت تبسط سطوة قسوتها مهيمنة عليه طوال المستقبل، حتى الموت».
الإضاءة رسمت هندسياً بوعي جمالي مدروس، وتماهت الديكورات مع إكسسوارات العمل، تداخلاً فنياً تحرك بإجادة في مخيلة المخرج علي حبيب، وأجاد طه المشهداني، أداءه.