لغز القرار

الصفحة الاخيرة 2021/08/07
...

جواد علي كسار
 
خمسة أنفار فقط هم من كانوا على علم بقرار غزو الكويت، تجمعهم رابطة القرابة بصدام، بعيداً عن علم الحكومة والمؤسسة العسكرية والحزب!.
قرار ما زلنا نتجرّع غصصه تعويضاً من أموال البلد وهدراً لثرواته، وذلة سامت أهله بهزيمة الجيش وقتل أولادهم، والمقابر الجماعية وتدمير البُنى التحتية وتعطيل التنمية، وأيام الحصار وكوارثه المروّعة، وإخراج العراق من معادلة التأثير في المنطقة والعالم، وكثير مما يعانيه العراق بل والمنطقة اليوم، هو من التبعات المتبقية عن قرار الغزو.
حدّثنا السفير محمد المشاط في كتابه: «كنتُ سفيراً للعراق في واشنطن» عن هوامش بسيطة من خفايا القرار اللغز، وكذلك فعل الجنرال نزار الخزرجي في كتابه: «دفاتر الحاضر والماضي»، واشترك معهما في إضاءة اللوحة على مستوى القمة، المبعوث السوفييتي يفكيني بريماكوف، في كتابه: «يوميات بريماكوف في حرب الخليج» عندما زوّدنا بتحليل نفسي مكثّف عن شخصية صدام، وكيف أن حرب الخليج الثانية التي دمّرت العراق باسم تحرير الكويت، هي حرب كان يمكن تجنّبها، لولا التركيبة النفسية المعقدة لصدام، التي حرمته من شجاعة اتخاذ القرار الصائب في اللحظة المناسبة.
كتاب الثنائي سالينجر ولوران الذي بيع منه مليون نسخة «حرب الخليج»، اسهم هو الآخر بفضح بعض الخيوط، لكنه لم يكشف اللغز كاملاً، وكذلك نهضت محاولات أُخر بالمهمّة نفسها، عبر تحليل شخصية صدام وكيف يتخذ القرار، كما هو حال كتاب: «أشرطة تسجيل صدام» والأهمّ منه في كشف عقلية صدام وطبيعة فهمه للسياسة الدولية، كتاب علي المحافظة الموسوعي: «حرب الخليج في مذكرات الساسة والعسكريين الغربيين».
لقد مررتُ بالإضافة إلى هذه المحاولات، على مداخل نظرية في تحليل ظاهرة التفرّد بالقرار، كما حصل مع كتب: «علم النفس السياسي» و«المشير وأنا» و«تقديس الزعامة» و«الطاغية» و«خرافة الزعيم القوي» وغيرها، وهي تقدّم خبرات نظرية جيدة عن أزمة القرار السياسي في منظومة العالم الثالث.
بقي العراق والمنطقة يعانيان من القرار الذي اتخذه صدام قبل ثلاثة عقود، تماماً كما يعاني الإقليم العربي من تبعات هزيمة 1967م، ولا يزال فهم ألغاز أمثال هذه القرارات صعباً محيّراً!.