دوافع النهضة الحسينيّة

آراء 2021/08/18
...

 حسن عودة الماجدي
  
أننا نشعر كما يشعر المنصفون بحاجة الاجيال الجديدة من أمتنا التي نحن وهم لم نعاصر الثّورة الحسينية والدّوافع الايمانية كما يجب، أو الحقّ الّذي وسّمته النهضة الحسينية المباركة في عمقها التّاريخي الانساني العظيم، والتي قادها سبط الرّسول الاكرم محمد (ص) من أجل الاسلام وحقيقة الارادة الالهية. 
ففي هذا المقام علينا أن ننظر نظرةً عصريةً لهذه النّهضة المباركة واصرارها المنقطع النظير للتّمسك بمضمون الرّسالة الالهية في المحافظة على قيمة الانسان وكرامته وموقعه في هذا الكون، اضافةً الى حرصه للنهوض بمسؤوليته التّاريخية لحمل الرّسالة والدفاع عنها، حيث يتعمد الظّالمون أصحاب الرّدة الرّجعية،أمثال معاوية بن أبي سفيان على حكم المسلمين، والذي تظاهر بالاسلام تحت حالة من الذعر التي شهدها هو وامثاله بعد انتصار الرّسول الأكرم محمد (ص) في مكة المكرمة، لقد وصل معاوية الى حكم العالم الاسلامي بعد وفاة رسول الله (ص) بقرابة ثلاثين سنة، اذ قام بدفن المشروع الاصلاحي المحمدي وتشويه ما يمكن تشويهه من حركة الاصلاح الكبرى، التي حملها الرّسول الخاتم محمد (ص) خطوة خطوة، بطريقة ذكية وماكرة للغاية حتى تم من خلالها انجاز مهام خطيرة لثلاثة عقود، لا من خلال تعطيل العمل الدستوري الاسلامي المستمد من القرآن الكريم وسنة الرسول محمد (ص) فحسب، وانما من خلال تغيير روحه وأهم مواده وقواعده جملةً وتفصيلا وأخطر من هذا كله تنصيب ولده يزيد حاكماً على الأمة الاسلامية، من دون استشارة منها، اذ كان الحاكم المفروض على الامة خماراً مدمناً وما من يوم الّا ويصبح ويمسي بالمنكرات التي تجافي ماجاء به الاسلام المحمدي، لذلك رفض الناس مبايعة المراهق يزيد بن معاوية يوم ذاك، الا أن الهاجس الذي يؤرق الجّماهير الرّافضة لذلك الغارق بالموبقات، كان البطش الاموي، لكن الحسين (ع ) تحدى ذلك واتخذ القرارالثّوري ضد بيعة الملك المراهق، بالرغم من النّصح من قبل المقربين والمحبين للامام الحسين (ع) بعدم الاعتراض على حكومة البطش الاموي ويزيدها المهووس بالمعازف والغناء ونطاح الكباش والقرود والدبب، لكن سبط النبي (ص) لم يناغم حجة الناصحين، لكونه صورة حية لشريعة الله سبحانه وتعالى وقيمة جليلةٌ ساطعةٌ، سواءً كان في سلوكه الشّخصي، أو في اسرته او في علاقته مع الناس، فضلاً عن الحسب والنّسب لرسول الرحمة محمد (ص) وعن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع)، فهذا الطّهر والنّبل والشّهامة وكرم النّفس وحب النّاس، والنسبية والحسبية المميّزة، قد وضعت الامام الحسين (ع) في موقع اجتماعي قل نظيره في الخلق، حيث ترى فيه أوسع قطاعات الأمة أملها المنشود في أصلاح أمة جده محمد (ص)، وبعد ان عرف النّاس رفضه لبيعة يزيد بن معاوية انهالت الرسائل والمذكّرات والوفود تدعوه للتوجه الى العراق ليكون منطلقاً لدعوة الخير واقامة المعروف واطلاق الحقوق، التي احتكرها الظالمون، ليجد جنوداً مجندةً تنتظره. 
ولكن كما أشرنا انّ البطش الاموي جعل من أصحاب الرسائل والمذكّرات جنوداً مجندةً مع يزيد لا مع الحسين (ع)، ناكرين بذلك ما كتبوه من رسائل ومذكّرات، واخيراً كانت واقعة كربلاء من وقع في النفوس وخلود التّحدي الحسيني عظّم الدروس، كون النهضة المباركة حدثت في زمن المعصوم وهذا الامر يستلزم ذكر القاعدة الفقهية، التي تقول قول وفعل المعصوم يعد حجة على جميع المسلمين.
 فسلام على الحسين وعلى أهل بيته وأصحابه على مر العصور والدّهور.