مؤتمر التعاون والشراكة آفاق واقعية لمستقبل عراقي وإقليمي

العراق 2021/08/28
...

علي حسن الفواز
 
يكتسبُ انعقاد مؤتمر التعاون والشراكة في بغداد اهمية استثنائية، ليس على المستويين السياسي والأمني فحسب، بل لأهميته في استعادة العراق دوره المحوري في المنطقة، وفي التعاطي مع الملفات الإقليمية بمسؤولية الفاعل والمؤثر، ولعل المشاركة الواسعة من قبل تسع دول إقليميَّة وأجنبية، فضلا عن ممثلين عن الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدةـ تعكس هذه الأهمية وجدية ما يؤسس له من آفاق مستقبلية في المنطقة، وفي مواجهة صراعاتها الأكثر تعقيداً.
إن احتضان بغداد لهذه القمة، وبمستوياتها المتعددة، يؤكد حقيقة وجود البيئة السياسية التي بات يُشكّلها العراق، وقدرته على القيام بدور مهم واستثنائي في التعاطي مع قضايا التوترات السياسية والامنية التي تواجهها بعض البلدان، فضلا عما يعكسه هذا المؤتمر من فاعلية لها بعدها الجيوسياسي للمجتمع الدولي، وللثقة التي يمكن أن يضطلع بها العراق، في مواجهة تعقيدات صراعية، وتحولات باتت تهدد الأمن الاقليمي، وملف الأمن النفطي والأمن المائي، والقضايا التي لها علاقة بملف الارهاب، لاسيما بعد سقوط كابل، وبعد التفجيرات الانتحارية في مطارها، والتي سقط جراءها أكثر من 90 قتيلاً، منهم ثلاثة عشر جندياً اميركياً. 
هذه المعطيات تعزز تنوّع الخيارات، والنظر الى العراق المنتصر امنيا، من زوايا متعددة، اولاها دعم توجهاته السياسية، وسيادته واستقراره، ومواقفه وخياراته الديمقراطية، وعلاقاته وتنميته الاقتصادية، وثانيها دعم دوره الاقليمي والعربي في مجالات متعددة تخص الصراعات والتوترات في المنطقة، مثلما تعزز دوره في تفعيل الحوارات السياسية والامنية، بما فيها الحوار المفتوح بشأن الملفات الستراتيجية.
إن ما يعطي لهذا المؤتمر اهميته ينطلق من طبيعة الخطاب الذي يطرحه، والتوجه الذي يسعى اليه، لاسيما ما قاله السيد نزار الخير الله المتحدث باسم المؤتمر بأن "كل المؤتمرات السابقة كانت مواضيعها لأجل العراق وكانت تعقد خارج العراق، وهذا المؤتمر سيكون للتعاون والشراكة على أرض العراق" وهذا ما يمنح العراق فرصا استثنائية، لأن يكون ميداناً خصباً لدعم الاخرين، والدعوة الى تعاونهم، فضلا عن اهميته في توسيع مجالات الاستثمار، وايجاد فرص للتلاقي العربي والاقليمي، لبناء شراكات مستقبلية وفاعلة لتعزيز التعاون المشترك مع الدول الاخرى كما قال الخير الله.
وبقطع النظر عن القضايا الخلافية بين الدول، وتعدد المواقف إزاء ملفات سياسية وامنية، فإن الخيار الجامع، والمدعوم دوليا هو ما يعزز مقبولية المشاركة، وخلق الثقة الستراتيجية بالدور العراقي، وبسياساته الخارجية، والتي تعاظمت عبر سلسلة من الاجراءات الداخلية، لاسيما البرامج الاصلاحية في عمل الحكومة، والعمل على تكريس البنى المؤسساتية الديمقراطية، وكذلك الاجراءات الخارجية من خلال الزيارات التي قام بها رئيس الوزراء الى العديد من دول العالم، وتوقيع الاتفاق الستراتيجي مع الولايات المتحدة، فضلا عن استضافته لمؤتمر القمة الثلاثي مع مصر والاردن باتجاه شراكة اقتصادية وسياسية فاعلة، وهو مايعني انضاج عوامل التحول السياسي، وترسيخ اسسه، واكسابه كثيرا من الايجابيات على مستوى قراره السياسي، وقوته المؤسساتية، أو على مستوى قراره الامني الذي تكلل بالانتصار الكبير على جماعة داعش الارهابية وتوسيع فضاءات الحوار الوطني بين ابناء الشعب العراقي.