زوجان يتبرعان بتكاليف الزفاف لصالح فقراء مدينة سنجار

الصفحة الاخيرة 2021/08/30
...

 الصباح : نوارة محمد 
في يوم لاهب وشمس تكاد أن تحرق جلود الايزيديين في سنجار، قرر الزوجان «نايف ومنى» أن يثيرا شعوراً انسانياً شديد الالتصاق بعروقنا، بخطوات غير مترددة وضحكات غير مبالية، تبرع الزوجان بفرحة العمر لصغار من ذهبوا ضحية الأقدار، وللشبان ممن لا خيار لديهم سوى مواجهة قساة هذا العالم وخراب تلك المدينة. 
قرر الزوجان التبرع بتكاليف زواجهما لضحايا حروب «داعش» بافتتاح مطعم للأكلات الشعبية تعود أرباحه للأيتام ممن كُتب عليهم العيش بفقرٍ دائم، وليحظى شبان هذه المنطقة بفرصة عمل. 
نايف صبري خريج الجامعة الاميركية في السليمانية حكى لـ «الصباح» عن بداية خوض تجربته هو وزوجته قائلا: «اليوم وبعد سنتين نزرع ثمار حبنا في سوق «سنجار القديم»، ففي هذه المنطقة الجثث باتت بلا مأوى والأجساد رحلت فتية، ولا طيور تحط على هياكلها، ولا الزرع ينبت في أرضها»، مضيفا «في هذه البقعة من الأرض وبين جدرانها المتهالكة نشعل شموع الفرح ونرفع صوت الأغنيات، لنعيد ترميم هياكلها». 
صبري يكمل حديثه منوهاً «لم يكن سهلاً علينا اقناع الأهالي والأخوة والأخوات بالغاء مراسيم حفل الزفاف في القاعة كما هو متعارف عليه، والاكتفاء بحفل وسط سوق سنجار القديم مدينة الخراب، المدينة الأكثر ضرراً »، مواصلا «كنت أفكر حينها كيف سأقنع والدتي التي لطالما انتظرت هذه الفرحة!، وكيف سأكسر العادات والتقاليد التي وجدت نفسي أمامها هكذا وبلا مقدمات، لكنهم الآن وبعد هذه الرحلة يبدون أشد سعادة مني بما نحصده وما سنحصده لأحياء هذه المدينة». 
وفي حديث لـ «الصباح» كشفت منى خيري الحاصلة على شهادة البكالوريوس في الإدارة والاقتصاد ان «سنجار هي فرحتي، وليس لدي ما أقدمه سوى أن أهدي لها هذا التبرع، انا بين ابناء مدينتي»، وتابعت «بينما ترتفع اصوات الموسيقى والأغنيات، ووسط هذا الخوف المتلبس بأرواحنا نحظى بقليل من الوجود وشيء من الحياة بين البيوت الخرِبة والوجوه المتعبة نجدد البناء»، وتضيف «اهديت فستاني مهري وزفافي، لمدينتي، فهي كل ايامي وذكرياتي، لم أكن العروس في تلك الليلة، انها سنجار». 
هذه هي الحكاية، قصة لا تنسى وتعكس مدى تعلق ابناء سنجار بمدينتهم التي استبيحت من خوارج العصر، لكن تبقى سنجار حكاية للإيثار ومعلما للبطولة التي سيحفظها التاريخ الى ابد الآبدين.