الإخبار في قضايا مكافحة الإرهاب والفساد

آراء 2021/09/04
...

 زهير كاظم عبود 
من بين أهم المواجهات التي تتصدى لها السلطة العراقية محاربة الإرهاب والفساد، وتاخذ تلك المواجهات اشكالا متعددة تستنفذ من الحكومة طاقاتها واموالها لتخليص العراق منها، غير ان بقاء السلطة لوحدها تواجه هذين الواجهتين الخطيرتين لن يكون له الجدوى، والنتيجة التي يتمناها كل حريص على استقرار العراق وامنه، بدلا من التفرغ لترميم الخراب الناتج جراء العديد من الحروب العبثية التي خاضها، ما لم تقترن تلك المواجهة بمساندة واعية وحقيقية من جميع شرائح المجتمع العراقي، حيث ان تلك المواجهات تثمر بالنتيجة إيجابيات تسهم في عملية الاستقرار والبناء وتثبيت معالم دولة القانون التي يطالب بها كل مواطن. 
 
اقتران تلك المواجهات بمساندة ومساعدة كل مواطن حريص على هذا البلد، كل مواطن ومن موقعه ومكان سكنه مكلف بواجب وطني راسخ في ضميره، يدعوه لان يبذل جهده الإنساني والوطني للتصدي لظاهرتي الإرهاب والفساد وبذل اقصى الجهود الممكنة في مساندة القوات الأمنية . 
نطالع جميعا أفعالا إجرامية غادرة تقوم بها فلول من مجموعات إرهابية تحتضر تستهدف أرواحا بريئة، تجد لها ملاذات امنة وأماكن وجحورا تلوذ بها، جميع المواطنين مدعوون لمتابعة تلك الجحور والحفر والأماكن التي تختبئ بها تلك العناصر التي تريد السوء بالعراق وأهله، حماية لارواح المواطنين واتقاء للشر وفيروس الجريمة الكامن في نفوس مثل هذه العناصر المتروكة، والتي تعيش حياة البهائم في اصدق صورها. 
حالة الوعي ومساندة التمسك بالقانون والثقة بالقضاء وفرق عمل التحقيق يجعل من المواطن المخبر عن مثل تلك الظواهر يعزز الفهم السليم لدور المواطن في فضح الخلل والممارسات الخاطئة والشاذة والاجرامية، وهذا الإخبار يكون بالشكل الاعتيادي في ما يخص الحالات التي تؤكد هذا السلوك الخطير، إن مثل هذا الأخبار يكون ضمن المفاهيم العامة لثقافة المواطن في رصد الفساد ومتابعة الأخطاء التي يمارسها بعض الفاسدين، ومراقبة حركة الإرهابيين ومعرفة مضافاتهم وملاذاتهم، وهذا الأمر يأتي من خلال الثقافة والوعي التي تتكفل بهما منظمات المجتمع المدني والأحزاب الوطنية، ومساهمة الجميع بالتكافل والتضامن الفعال في هذا المجال. 
للمخبر في الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي، وجرائم التخريب الاقتصادي والجرائم الأخرى المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد أو المؤقت أن يطلب عدم الكشف عن هويته وعدم اعتباره شاهدا، وللقاضي أن يثبت ذلك مع خلاصة الأخبار في سجل خاص يعد لهذا الغرض ويقوم بغجراء التحقيق وفق الأصول، مستفيدا من المعلومات التي تضمنها الاخبار من دون بيان هوية المخبر في الأوراق التحقيقية.
الخلاص من تلك الظاهرتين يكون بالتعاون المثمر والمجدي ومساندة القوات المسلحة والأمنية لايقاف انتشارها والتصدي الحازم للخلاص منها، الدلالة والاخبار وان كانتا اضعف الايمان، الا انها صورة من صور المساهمة الفعالة للقضاء على الإرهاب والفساد. 
نحن بحاجة ماسة لتطوير وتفعيل عمل المخبرين بما يخدم عملية الاخبار ويدعم الإطار العام للسياسة العامة في مكافحة الإرهاب والفساد، ويمكن تطوير القانون رقم 59 لسنة 2004 الخاص بحماية المخبرين في المؤسسات الحكومية وتقديم الحوافز المناسبة، بما يتناسب مع التطور الزمني، وما أفرزه الواقع العراقي من سلبيات وايجابيات في سبيل تطبيق نصوص هذا القانون. 
حالة الوعي المطلوبة في معيار الحافز الوطني الذي يدفع لدرء الخطر عن حياة الناس والمال العام، التحفيز يكون في الموقف الوطني المطلوب لدرء الخطر الحال من هذين الخطرين الفتاكين بواقع ومستقبل العراق، والموقف الوطني الواعي في ان لايكون المواطن واقفا في الاتجاه المعاكس لمسيرة الحياة والاستقرار ويتستر على متهم بارتكاب أفعال إجرامية كبيرة او يسهم في إخفاء معالم الفعل المخالف للقانون. 
دوافع وطنية تحتم على من يعرف أن هناك جرائم فساد تضر بالاقتصاد الوطني أوجرائم إرهابية تضر بحياة الناس و بالمستقبل العراقي، أو تضر بأي شكل من الأشكال بقوت الشعب أو مكتسباته المادية أو تضعف الثقة بمؤسسات الدولة، المبادرة ضميريا ووجدانيا الى الأخبارعن مثل تلك الجرائم لمكافحة هذا الداء، وبالتالي المشاركة في إيقاف زحف هذا الوباء حماية لارواح الناس والمال العام والحقوق .
الحوافز التي تحققها الاخبار وبصرف النظر عن الموقف الوطني الذي يحققه المخبر، فأن دورا مهما ورئيسيا لعملية الاخبار في كشف مثل تلك الجرائم، وبالتالي إيقاف المفسد والارهابي من الاستمرار بارتكاب جريمته، ووضع اليد على الحالة التي تسهم في إدانة مثل هذا الفاعل. 
وإذا كان العراقي يتساءل عن الأسباب التي تجعل قضايا الفساد تنشطر وتتكاثر بالرغم من الجهود الرامية لمكافحة الفساد، وعودة الجريمة الإرهابية ولو بشكل محدود، فأن السبب الأساس يكمن في عدم وجود تنسيق وتوافق بين عمل السلطة التنفيذية وضمير المواطن. 
ان مثل هذا الامر بحاجة الى دعم ومساندة الاعلام العراقي والتركيز على مسالة الواجبات التي ينبغي على المواطن العراقي ان يؤديها، إضافة الى أهمية الدعم من منظمات المجتمع المدني من خلال رصد حالات الفساد وبث روح المساندة والتعاون ضد عناصر الإرهاب المتبقية، ومن خلال الإشارة والنقد لمكامن الخلل والسلبيات التي تعاني منها دوائر الحكومة، والمساهمة في الدراسات الميدانية التي يمكن الاستفادة منها في مجالي مكافحة الارهاب والفساد.