المواطن كلوشار المحترم

آراء 2021/09/04
...

 علي الخفاجي
 
 في إحدى جلسات البرلمان التونسي اشتد الصراع بين أحد نواب الحزب الدستوري وبين نائب عن حركة النهضة، نتيجة اتهام حزب راشد الغنوسي «حركة النهضة» بالتلاعب في المصادقة على قانون المالية التكميلي، واستخدمت عبارة «كلوشار» كثيراً بين الطرفين، وتطور المشهد الى الضرب واستعمال الكلمات النابية، كلوشار وبمعناه الحرفي الذي يشاع استخدامه في دول المغرب العربي يعني «الشخص المشرد» أو «المواطن المشرد»، فهو يستخدم للدلالة عن ضياع الشخص مجتمعياً نتيجة التشريد.
المشرد؛ هو ذلك الإنسان الذي لا يملك لا مأوى ولا ينعم بأمان، أو الذي يعيش في مسكن دون المستوى المطلوب أو من دون ملكية آمنة، وهو في الغالب غير مرتبط بأسرة ويعيش بصورة فردية، أصبح التشرد مشكلة اجتماعية بعد أن تعدى كونه ظاهرة وتعددت أسبابه؛ كالفقر والبطالة والتعنيف وغلاء الأسعار وغيرها من الأسباب، فالتشرد وحسب الوصف الاجتماعي يكون على نوعين، منها ما يكون نتيجة ظرف طارئ كالحروب والفيضانات والكوارث الطبيعية، وهذا ما يحدث في كل دول العالم نتيجة لتلك الأسباب، ومنها ما يكون نتيجة لعدم وجود تخطيط أو عدم وجود أدوات لحل هذه المشكلة، فتجد المشردين نتيجة لهذا التخبط وعدم إيجاد الحلول تجدهم منتشرين في الأزقة والساحات والحدائق العامة وغيرها من الأماكن التي تسعى لاستيعابهم.
بالرغم من المحاولات الجدية لمنظمات المجتمع المدني في العراق وما تم تقديمه لإيواء أعداد كبيرة من المشردين، لكن يبقى المجهود الحكومي في إنهاء أو تقليل هذه المشكلة المجتمعية دون المستوى المطلوب، ولم يلب رغبة هذه الفئة التي بدأت بالازدياد وعلى مستوى واسع، ونتيجة لعدم وجود تعداد سكاني، ولعدم وجود قاعدة بيانات تخص هذه الفئة، أصبحت هذه الفئة تزداد وبشكل كبير نتيجة الحروب المتكررة منذ عقود وآخرها هجمات عصابات داعش الارهابية على عدد من المحافظات، التي خلفت عددا كبيرا من المشردين والذي ما زال كثيراً منهم من دون مأوى ومن دون ملكية آمنة، وبهذا ووفقاً للمسؤولية المجتمعية التي تقع على عاتق الفرد والمنظمات والمؤسسات يجب إيجاد الحلول المناسبة للقضاء على التشرد تتم من خلال عمل مخطط إحصائي لملاجئ ايواء المشردين والقيام بجولات ميدانية الى أماكن تجمع هذه الفئة، والمساعدة على تبديد الصورة النمطية المأخوذة عن المشردين من خلال زيادة الوعي المجتمعي حول قضايا المشردين، وإفهامهم إن المشرد فرد من المجتمع يجب احتواؤه وايلاؤه الاهتمام المناسب لإرجاع ثقته بنفسه، ومن ثم سهولة دخوله واندماجه بالمجتمع، وكما على الحكومة توفير الأدوات المناسبة والحلول العاجلة لاحتضان هذه الفئة من خلال القضاء على الفقر وإيجاد فرص عمل حقيقية للعاطلين عن العمل وتوفير مكان مناسب لإيواء الكلوشاريين في العراق.