انسحاب غير مدروس

آراء 2021/09/04
...

 كاظم الحسن
 
الارتباك والعشوائية في عملية إجلاء الدبلوماسيين والرعايا الاميركان، فضلا عن المتعاقدين والمتعاونين الافغان، اصاب شعبية الرئيس جو بايدن بالصميم وتعرض للمزيد من النقد سواء كان من اعضاء الحزب الجمهوري اوالصحافة الاميركية، التي وصفت ماحدث بانه كارثة قومية، يتحمل نتائجها بايدن في حين يعزو الاخير الى ان قرار الانسحاب اتخذه الرئيس السابق دونالد تراب، وماهو الا منفذ له، متناسيا ان اللوم لا ينصب على القرار نفسه، بل على الطريقة الارتجالية وغير المخطط لها، مما سهل لأحد عناصر {داعش خرسان}، التسلل الى مطار كابل والقيام بتفجير نفسه وسط حشود الافغانيين وعلى مقربة من المارينز والتي اودت بحياة عدد من عناصر الجيش الاميركي، اضافة الى ضحايا افغان.
يبدو من طريقة واسلوب الانسحاب الاميركي من افغانستان هو انعدام التفاهم والتنسيق بين الادارة الاميركية وحركة طالبان، ولا نعلم عماذا كانوا يتفاوضون طيلة اكثر من عام، اذا كان هذا السقوط السريع والمريع للحكومة الافغانية واجهزتها العسكرية بكل صنوفها، والتي انفقت الادارة الاميركية تريليون دولار على تسليح واعداد وتدريب القوات المسلحة والتي لم ترم رصاصة واحدة وبقيت الاسلحة الاميركية المتطورة في غمدها، لتكون من نصيب حركة طالبان.
اسئلة كثيرة ومريبة تحتاج الى اجوبة لتفك الغاز هذه الكارثة.
فهل هو اهمال ام تقصير ام سوء تخطيط او توجد اسرار خفية غير معلنة سوف تظهر لاحقا عندما يحين أوانها؟.
مهما كانت الاسباب فأن بعض المحللين في الصحف الاميركية، كانوا يعتقدون ان تجربة كوريا الجنوبية يمكن ان تصلح في افغانستان، والتي بقيت فيها الولايات المتحد خمسين عاما، الا ان جو بايدن اوجز الامر بالقول:»لم نذهب هناك لبناء دولة» بمعنى اخر ان تجربة الديمقراطية والدولة الحديثة لايمكن ان تفرض بالقوة لاسيما في مجتمع قبلي وعشائري يحافظ على قيمه وتقاليده مثل المجتمع الافغاني.
يبقى الانسحاب الاميركي الذي يعد ضرورة للادارة الاميركية محل جدل ونقاش لفترة طويلة ولن يحسم في القريب العاجل، وتبقى التعهدات التي ابرمت بين الولايات المتحدة وطالبان، هي الفيصل في الحكم على مدى التزام الاخيرة بذلك، اي الانتقال من الاقوال الى الافعال ولهذا السبب تبقى طالبان حريصة على اظهار تعاونها مع الغرب، لانها بحاجة الى المجتمع الدولي وهي تعلم ان المساعدات التي كانت تقدم الى الحكومة السابقة تصل الى 80 % من ميزانية الدولة، وهو رقم لاتستطيع حركة طالبان تحقيقه بمفردها، لأنها سوف تعاني من عجز اقتصادي مزمن لذلك من مصلحتها التعاون والتنسيق مع المجتمع الدولي.