ستار كاووش.. لا يملك جناحين لكنه يرسم

الصفحة الاخيرة 2021/09/06
...

 الصباح: نوارة محمد
ليس لديه جناحان لكنه يرسم بمزاج رومانسي يرى في العالم أجمل ما فيه، وبخيال وجداني ينير عتمة الأنفاق، وتجذبه حرارة الألوان، ويلون كل ما يحيطه، وسحره يدب كلما تراءت له الأفكار ليمارس فنه المتفرد.
أدبته الكتب وصنعته تجارب الحياة المتفردة، بغربة مزدوجة، عن بلده وأحيانا عن سذاجة الواقع المعفي من اطروحة الحياة، بعد 25 معرضاً شخصياً وقرابة 70 معرضاً جماعياً، وخمسة كتب عن تجربته الفنية، ستار كاووش يعاند الملل، كما لو انه يعبر الى جانب آخر متعرج، مؤجلا فكرة الموت ليصنع عوالمه المليئة بالحرية. كاووش ولد ونشأ في مدينة الصدر «الثورة سابقا»، وبدأ اولى خطواته، بمعرض «سيقان وأرصفة» و«رجل وامرأة» و«جسد المدينة».
ونشأ في مدينة رسمت طريق أحلامه ولوّنت سمرة بشرته، اذ يقول: «انا مرتبط بتلك المدينة، إنها بوصلة روحي وطمأنينتها كلما ضعت بين الطرقات، أجدني عالقاً في جذورها، لتجسد البداية، لقد عثرت عليّ وعلى أول الأصدقاء في تلك البقعة الخالدة، وصقلت الموهبة وتسارعت الخطوات نحو الحلم، مدينة تلتصق بذاكرتي ليس لكونها جزءاً لا يتجزأ مني لكنها الجزء الأهم في تكوين شخصيتي وذاكرتي، ووجداني وثقافتي وخبرتي الجمالية، أنا هناك اقتنيت أول الكتب وخصوصاً من مكتبة «العباس بن الأحنف»، وحصلت على كتب معلمين وملهمين لي في الرسم، ومن هناك بدأت اولى خطواتي مع الجمال».
يحكي ستار كاووش الحاصل على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة في بغداد عام 1990 لـ «الصباح» عن مدى تأثير الأمكنة وما عاشه من تجارب في اعماله، مسترسلا: «لم تكن لوحاتي سوى انعكاس لما عشته، فالإنسان بطبيعة الحال ابن بيئته، وقد تأثرت كثيراً بالمدن التي مررت بها في محطات حياتي، وفي التسعينيات بدا طابع المدن وزواياها بكل تفصيلاتها واضحاً على مخيلتي، لكنني سرعان ما وجدتني رساماً أجيد رسم عوالم مختلفة تشكلها الطبيعة والنساء الجميلات، وما اثر بروحي في اوروبا الجزء الأكبر فيها». 
في حياة كاووش الكثير من الجوائز، نذكر منها جائزة الرسّام الأول في جريدة(الجمهورية) ببغداد عام 1993، والجائزة الأولى في معرض الفن العراقي المعاصر عام 1993، كما فاز قبل مدة قصيرة بالجائزة الذهبية في بينالي الكويت 2017 عن لوحته المعنونة «عاشقان تحت المظلة».
وفي حياته هناك فصول ليست واضحة لدى الكثيرين، فحوادث الموت والحياة تشكل الجزء الاهم في فرادنية كاووش، ونشير الى حادثة موت مأساوية لانسانة قريبة عليه، غيرت نظرة كاووش للحياة، حادثة أصابه منها ما يكفي من الحزن وخيبة الأمل، إلا انه سرعان ما وجد نفسه مكتملاً بعدها.
موت صديقته المقربة، غَيّر نظرته للحياة، فقد بدا أكثر ايجابية مما كان عليه، ويقول: «في البداية، كنت سأكتفي بسنواتي السابقة، إلا انني سرعان ما صرت وحيداً، وبدت الأشياء تتغير حولي، بعد حزنٍ عميق، بدأت تلك الحادثة تمارس دورها في تغيير نظرتي للحياة، لتنعكس في أعمالي ولوحاتي بشكل آخر تماماً، وبدت الحياة مُحببة إليّ بشكل اكبر، وأصبحت ايجابياً اكثر مما كنت عليه».
ستار كاووش يكمل حديثه عن انخراطه في كتابة العمود ونشاطه الاخير فيقول: «انا لست صحفياً، واكتب العمود حول الثقافة والفن وأحاول أن اعكس صور الجمال وما يحدث في اوروبا، في ما يخص الفنون ليطلع عليها العراقيون».
الحديث مع كاووش يمكن أن ينتهي، لكن أفق الأفكار التي يطرحها يظل مفتوحاً، مثلما الآمال برؤية أصدقائه ببغداد تظل قائمة أيضاً، وهذا ما قاله لنا في آخر الحديث، إنه يعد الجميع بزيارة قريبة لبغداد.