بَلَغَتْ ستينَ عامًا!

ثقافة 2021/09/07
...

د. أحمد الزبيدي 
 
لا ينال المحتفى في ميلاده بمباركة أصحابه حتى يطفئ شمعة تؤرخ سِنِيَ عمره، ولا شأن للزمن إن كانت حياة المحتفى به سعيدة أم حزينة أم بين بين.. وقانونه المتمثل (بأن الماضي لم يعد موجودًا والمستقبل ليس بعد موجودًا)، لا علاقة له بالعواطف والوجدان والخذلان فـ (كل المآسي التي يمكن تصوّرها تعود إلى مأساة واحدة لا غير هي مرور الزمان).  إنه عام 2021م وهو في خريف أيامه وهرمها يرن جرس الذكرى ليعلن (اليوبيل الماسي حسب النظام البريطاني) لمجلة الأديب العراقي تلك المجلة التي تأسست عام 1961م، وواكبت كل التحولات السياسية والثقافية بعد تأسيس الجمهورية العراقية.. فأصبحت الانقلابات انقلابًا عليها.. وكان رئيسها الأول (أوّل) الذين نالهم نصيب وافر من التحقيق!!، فغابت عن الإصدار مع غياب مؤسسها ثم عادت بجسد وروح جديدين بدءًا من عنوانها (الأديب المعاصر) ثم مع تغيّر أحوال البلاد والعباد عاد اسمها الأصلي ونزعت اسمها المستعار.. ولك أن تتخيل حجم تحولاتها وأسرارها وهي تبلغ الستين عامًا من الألفة والعزلة.. ومن أبرز الشواهد الثقافية على تقلباتها أن تنظر نظرة واحدة في أسماء هيأة تحريرها ورئيسها في أي مرحلة من مراحل نموها لتعرف طبيعة الإيديولوجيا التي تقودها؛ وليست المجلة وحدها من استنشقتها: شهيقًا وزفيرًا إلا أن الحديث عن مجلة الأديب العراق يعني الحديث عن أهم معالم اتحاد الأدباء والكتاب في العراق بل تكاد تكون المَعْلَم (الكتابي) الوحيد الذي يوثق ما شهدته مراحلها المختلفة والمؤتلفة.. وها هي تجاهد ألا تلعب النرد. بلغت الستين من دون أن نطفئ شمعة احتراقها واستذكار ماضيها وحاضرها؛ وغادر بعض من مؤسسيها والعاملين عليها وما زال رهط جليّ منهم يشاركونها اشتعال الشيب في الرأس والاصفرار في الورق والعمر!، وكم شغلنا بتفاصيل أخرى وهتفنا للتقويم الزمني الذي عادت عقارب إيقاعه بتذكار ننتقيه حسب ميولنا ونستفزّ جراحات لم تندمل أو نلقي فيها حفنة ملح لنغيظ الشاهدين على تلك الجراح أو نجر الزمن من ياقته لنرغمه على الاعتراف. 
وليتك تعلم يا دكتور مهدي المخزومي يا رئيسها الأول أن الأديب العراقي عادت لتكون (مجلة كلّ أديب غذاه الرافدان ولفحته شمسهما وتنسم هواءهما..)، وليتك تعلم يا عبد الكريم قاسم وأنت تتصدر العدد الأول بحماستك: (إني أهيب بكل مخلص وبكل شاعر فذ أن يعمل في سبيل الله وفي سبيل الوطن..)، ليتك تعلم عدد من قتل وأجرم في سبيل الله وفي سبيل الوطن .. ليت جمهوريتك تحتفي بـ (الأديب العراقي).