حملات إزالة التجاوزات بين الواقع والتمني

آراء 2021/09/15
...

  عادل جبار  
بين آونة وأخرى تطل علينا أمانة العاصمة بحملات تنظيف واسعة للمناطق الرئيسة في بغداد، لتصول بسياراتها الضخمة وتجول معلنة  حملة لإزالة التجاوزات على الأرصفة العامة للمدينة، لتبدو بعدها الشوارع بحلة جديدة وبعنوان فخم، لا عربات على الارصفة العامة ليتمكن المواطن وقتها من السير بحرية من دون زحامات وزخم، بسبب ضيق المكان المحدد للسير.
ما هي الا فترة أيام وتعود بعدها العربات والـ( بسطيات)، لتفترش الارصفة ويعود الحال ليبدو اكثر سوءًا من قبل، بسبب دفع الرشى والاتاوات لمُنظمي تلك الحملات، بعيدا عن أعين الرقابة في أمانة العاصمة، فيبدو السير على الارصفة كمن يسير وسط حقل من الاشواك، يجب توخي الحذر الشديد من أن تضع قدمك على شوكة، فتقعد ملوما محسورا، فاستغلال الارصفة من قبل الباعة او اصحاب المحال أدى الى انعدام امكانية المشي على الرصيف بشكل طبيعي، بل زاد الامر قبحا وبشاعة، كونه يُعد تشويها متعمدا لمعالم مدينة بغداد وشوارعها التاريخية، يأتي استغلال هذه الارصفة من دون اي محاسبة او عقوبة للمتجاوزين على الاملاك العامة ومنهم من يشيد عليها بعض الاكشاك والمسقفات الحديدية، الذوق العام الذي أصبح في مهب الريح لا يعود الا بفرض عقوبات مالية كبيرة بحق المتجاوزين على الاملاك العامة، التي بدأت تُستغل بشكل كبير جدا من قبل ضعاف النفوس وامام مرأى ومسمع الجهات المسؤولة، حتى باتت حقوقنا البسيطة جدا هو ان نرى شوارع خالية من الضوضاء وأرصفة تليق بالذوق العام.
في اغلب دول العالم تكون الشوارع منظمة للسير وايضاً مخططة لسير كفيفي البصر، بوضع علامات خاصة لهم ولذوي الاحتياجات الخاصة، الا ان في العراق الوضع مُختلف تماما كوننا لم نعد نرى هذه التفاصيل التي تدلل على الاهتمام بالمواطن العراقي.
تأتي متأخرا خيرا من ألا تأتي،هي حملة ازالة التجاوزات، التي اطلقتها الحكومة في الآونة الاخيرة تحت اسم حملة الشهيد عبير الذي استشهد نتيجة تطبيقهِ القانون في ازالة التجاوزات، تبقى من خلالها اصواتنا مرفوعة ومشفوعة بالامنيات باستمرار هذه الحملات من دون ممارسة، اي ضغوط تُملى عليهم وان نشهدها في جميع المحافظات وفي مناطق مهمة من بغداد. فإعادة رونق وجمال الشوارع والارصفة الى ما كانت عليه لا تأتِي بين يوم عمل والتغاضي لسنوات طوال، واذ ما بقي الموضوع كما هو عليه فقد تُستغل حتى الشوارع وتُصبحُ للباعة المتجولين.
كما إن معالجةُ حالات التجاوزات على الاملاك العامة لحظة بلحظة تؤسس لمفهوم قانون قوي ورادع، لكل من تسول له نفسه التجاوز على حقوق الاخرين، وبالتالي سنشهد عدم ازدياد مثل هذه الظواهر السلبية التي تؤثر في المواطن والذوق العام على حدٍ سواء.