تحرير المجتمعات من الفساد

آراء 2021/09/19
...

 محمد صادق جراد 
عندما أصبح الارهاب خطرا دوليا يهدد السلم العالمي وجدنا ان جميع دول العالم تكاتفت واتفقت على محاربته، وتم تشكيل تحالفات دولية لهذا الغرض. وبالمقابل نجد ان العالم اليوم يتوحد في وجه الفساد، عندما أصبح آفة خطيرة تهدد المجتمعات وتسيطر على مواردها وتسلب حقها في العيش برفاهية.
 
ومن هنا جاءت فكرة عقد المؤتمر الدولي لاسترداد الاموال المنهوبة والمهربة في العاصمة بغداد، لتوحيد الجهود الاقليمية والدولية وابداء التعاون القانوني بين الدول لاسترداد الاموال المهربة ومحاصرة عوائد الفساد والضغط على الحكومات والبلدان التي توفر البيئات الآمنة للفاسدين.
ويرى البعض أن عقد المؤتمر في بغداد له رمزية مهمة تعكس وجود إرادة حقيقية في ملف مكافحة الفساد ومحاسبة المسؤولين عنه، واسترداد الاموال المهدورة والمنهوبة لتحرير المجتمع العراقي من مخالب الفساد وتداعياته، التي دفع المواطن العراقي ضريبتها لسنوات طويلة. ولهذا نقول بأنه لا مناص اليوم من ايجاد ادوات جديدة تتصف بالاستقلالية والثورية والنزاهة في مواجهة آفة الفساد، التي ساهمت في هدر المال العام وتخريب الاقتصاد العراقي.
 الحرب على الفساد تشبه الى حد كبير الحرب على الإرهاب، فالفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة، ولذلك يرى البعض ضرورة انطلاق جهد وطني مستقل ينبثق عن ارادة شعبية تؤمن بان مشروع الإصلاح هو مشروع بناء وتصحيح، وليس كما يعتقد البعض بانه مشروع هدم وعنف وتكون مهمة هذه الجهة الوطنية المتكونة من شخصيات مستقلة ونزيهة ومدعومة من اعلى سلطة في البلاد، هي مواجهة الفساد ومحاسبة الفاسدين وفق القانون وتحقيق النصر النهائي وتحرير المجتمع العراقي من آفة الفساد وهدر المال العام الذي استمر لعقود طويلة.
وبالمقابل على الحكومة العراقية أن تضع رؤية شاملة وواضحة لمشروع الاصلاح ومفهومه، الذي يتم تداوله عبر الساحة الاعلامية والسياسية والشعبية، اذ يجب أن يكون الاصلاح مشروعا وطنيا شاملا يحقق العدالة الاجتماعية ويتمكن من معالجة جميع المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والخدمية، ومن جميع جوانبها، لا سيما الجانب السياسي، الذي أصبح بحاجة كبيرة لاصلاح أخطاء التأسيس، التي اراد البعض من خلالها تحقيق مصالح حزبية وقومية وطائفية على حساب مصالح العراق العليا.