كي يبقى التاريخ مهماً

آراء 2021/09/21
...

  حارث رسمي الهيتي
 
لنتفق أولاً أن كل الشعوب والمجتمعات لديها تاريخ تحترمه، تكتبه وتعيد قراءته وإنتاجه كلما تحسست ان خطراً يقف خلف حدودها أو في الداخل ويهددها، ومن هذا التاريخ تستمد وجودها، حتى الدول التي ننظر اليها بوصفها دولاً حديثة عهد، فهي تحاول أن تجد سرديات تسعفها بكتابة تاريخها الخاص على افتراض أن السردية هذه ستلعب دوراً في تماسك الجماعة ووحدتها، أو أن توفر مساحة تجتمع فيها كل الجماعات على اختلافاتها، وهذه الجزئية الأخيرة من شأنها أن تكون العامل الأول لتحقيق الاندماج الاجتماعي، هذا الفعل الذي من الخطأ أن نغادر التفكير فيه. 
قبل أيام مرت المئوية الأولى لتأسيس الدولة العراقية الحديثة، مرت وكأن شيئاً مهماً مثل هذا لم يكن، وهنا لا أفكر بالاحتفالات والشكليات وإصدار الطوابع وغيرها من الأفعال، التي لا أنكر أهمية أن تكون حاضرة، ولكن أتحدث عن تاريخ مئة عام حملت معها ما حملت، اكتب لأذكّر بأهمية أن نتوقف عند نجاحات وإخفاقات، مشكلات حاولنا كثيراً أن نتجاوزها معتقدين – وهذا خاطئ طبعاً- إن تقادم الوقت سيكون كفيلاً بحلها، وطالما أثيرت من جديد. 
مرت مئوية الدولة العراقية من دون أن نقول لماذا وصلنا إلى حالنا اليوم، لماذا ما زلنا نواجه إشكاليات عالجتها الجماعات/ المجتمعات الأخرى منذ زمنٍ طويل، لماذا كان علينا أن نقبل بقرنٍ يبدأ باحتلالٍ وينتهي بمثله، وما بينهما كثير من الثورات والانقلابات والتسلط والديكتاتورية، مرت المئوية من دون أن نتفق على الأسباب التي أدت بشعبٍ يوصف بأنه متمرد أن يقبل بأن يكون رهينة فكرٍ وحزبٍ واحد تستثمره الأسرة، ويكون البلد في ما بعد ملكاً لشخصٍ مثل صدام، لماذا قبلنا بأن ندخل حرباً توصف بالطويلة في القرن الأخير، من دون أن نحرك ساكناً، مرت وهناك أرقام فلكية من الشهداء والجرحى والأسرى والمفقودين، قبور جماعية توزعت بين طول البلاد، ولم نفكر بجوابٍ من شأنه أن يمنع إعادة كل إخفاقات القرن من تاريخ هذه الدولة. 
وارتباطاً بالعنوان أعلاه، فلا أهمية للتاريخ ما لم يمنع الوقوع في الحماقات السابقة.