أولويَّة الحرب على الفكر المتطرف.. لماذا؟

آراء 2021/09/21
...

   عبد الحليم الرهيمي
بعد قراره بسحب القوات الاميركية من افغانستان، عمد الرئيس الاميركي بايدن الى اطلاق سلسلة من التصريحات والمواقف التي تبرر اسباب ودوافع هذا القرار من جهة، وترد من جهة اخرى على هجمة الانتقادات الحادة التي انهالت عليه، سواء من الاميركيين او من حلفائه الاوربيين، فضلاً عن العديد من دول العالم بوصفهم هذا القرار بالفوضوي والكارثي، الذي أساء للشعبين الاميركي والافغاني، الذي انكشف ظهره بسرعة امام جحافل قوات طالبان وشل من قدرته على مواجهتها والتصدي لها. وخلال حضوره لإحياء الذكرى العشرين للحادي عشر من ايلول – سبتمبر تحدث بايدن بأكثر من مناسبة أشار فيها الى أن القوات الاميركية انجزت مهمتها في القضاء على القاعدة ومعاقبتها في أفغانستان، ولم تكن المهمة إقامة الديمقراطية ولن تقوم أميركا بغزو اي بلد فيه تواجد للقاعدة، وان القضية الآن هي لأولوية مكافحة الفكر المتطرف الذي يشكل البيئة المساعدة للأعمال 
الارهابية.
ولإضفاء قدر من المقبولية لتوجه الانكفاء عن محاربة القاعدة في افغانستان وغيرها كما المح بايدن (تطوعت) مديرة الاستخبارات الوطنية الاميركية ( أفزيل هايتز) للقول: بأن خطر الارهاب ينبع من العراق وسوريا واليمن وليس في افغانستان؟!
لا شك ان هذا التعبير، لهاينز وقبله للرئيس بايدن لا يتسم فقط بالسذاجة المفرطة، ان لم ينطو على نوايا غير معلنة، بل ان الوقائع على الارض تفنده بكل قوة . لقد اشارت تقارير ودراسات عالمية عديدة الى خلاف ذلك بتأكيدها أن ما حصل خلال العقدين الماضيين، هو اتساع اعداد الجماعات الارهابية من القاعدة وداعش وغيرهما وتزايد قوتها وتطور اسلحتها وانتشارها في العديد من مناطق العالم، في افغانستان واوزبكستان وتركمانستان وكذلك في عدد من بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا وجنوب شرقي اسيا وشبه القارة الهندية.
هذا الانتشار الواسع للعصابات الارهابية، وفي مقدمتها القاعدة وداعش هو الذي دعا كتابا وباحثين، قبل بايدن، للحديث عن أولوية محاربة الفكر المتطرف، بوصفه الأساس والبيئة الحاضنة للعصابات الارهابية. واذا كان معظم الدول التي واجهت وتواجه الجماعات الارهابية بالوسائل الامنية والعسكرية والاستخبارية، لم تهمل في الوقت نفسه قضية محاربة الفكر المتطرف لكن من دون أن تعطيه الاولوية، لذلك وبسبب قوة وانتشار العصابات الارهابية المرشحة للقيام باكثر الاعمال الارهابية اجراماً، ينبغي ان تحظى قضية محاربة الفكر المتطرف بموقع الاولوية، ذلك لان الارهاب يستلزم بيئة مهنية مساندة تمكنه من الفعل والتوسع والتأثير في كسب المزيد من العناصر الارهابية جيل بعد جيل، ما لم يتحقق تجفيف واقصاء فعل الفكر المتطرف الذي يصنع المزيد من الارهابيين.