انتخابات المغرب.. الديمقراطيَّة والإسلام لا يتعارضان

آراء 2021/09/25
...

 أحمد الشرعي
 
 ترجمة: أنيس الصفار 
استيلاء حركة طالبان على كابول وتشكيلها كابينة وزارية من المتطرفين الملتحين، أوحى لكثيرين من كتاب الرأي في أميركا بأن الديمقراطية لا يمكن ان تنجح في بلد مسلم. بيد أنهم مخطئون أشد الخطأ. فها هو المغرب، وهو بلد ذو اغلبية مسلمة، قد انتهى للتو من اجراء انتخابات محلية شاركت فيها احزاب متعددة يشهد جميع المراقبين بأنها كانت سلمية ونزيهة وحرّة.دعنا نتأمل انتخابات المغرب البرلمانية المحلية التي انتهت يوم الأربعاء 8 أيلول. في هذه الانتخابات ارتفعت نسبة مشاركة الناخبين، حيث شارك اكثر من 50 بالمئة من الناخبين المؤهلين مقارنة بنسبة 43 بالمئة شاركوا في الانتخابات البرلمانية قبل خمس سنوات. 
 
وفي تلك المنطقة الجافة التي يعيش سكانها متناثرين وتسمى «الصحراء الغربية» القى 66 بالمئة من الناخبين المؤهلين بأصواتهم في صناديق الاقتراع.
التصويت في هذه المنطقة، التي كان يمزقها ذات يوم عنف الانفصاليين، له في نظر السكان قيمة وطنية لأنه يتيح لهم ان يعبروا عن تمسكهم بالانتماء الى المملكة المغربية ودعمهم لقرار أميركا الأخير بالاعتراف بسيادة المغرب على منطقة 
الصحراء.
هذه الانتخابات حققت نتائج حقيقية. فمنذ العام 2012 كان حزب العدالة والتنمية الإسلامي يتولى قيادة الحكومة في تحالف مع احزاب أخرى، إلا ان دعم الحزب تراجع في هذه المرة حتى عاد الى الترتيب السابع، إذ لم ينتخب سوى ثلاثة عشر عضو برلمان من المنضوين تحت 
رايته.
ضمن الإطار السلمي
صناديق الاقتراع لا الرصاص هي التي هزمت الإسلاميين. كان الاسلاميون قد ارتقوا الى قمة السلطة خلال التحركات التي اطلق عليها اسم «الربيع العربي» بعد أن نجح حزب العدالة والتنمية في كسب دعم ابناء المدن من المتعلمين الجامعيين وكذلك دعم المتدينين التقليديين في المناطق الريفية. كانت نتيجة ذلك ان قاد الإسلاميون الحكومة لدورتين متعاقبتين في اطار سياسي سلمي في حين بقيت الملكية تمارس دورها المحدد لها في الدستور. غير أن الاسلاميين فشلوا في خلق وظائف كافية او إيجاد مساكن كافية بالمستوى الذي يرضي الناخبين الشباب، ومن جهة أخرى ضاقت صدور ارباب العمل بأنظمة الضرائب الجديدة المحدّثة. هكذا، ولأسباب عملية واضحة، تنحى الاسلام السياسي جانباً بدون قتال او معارك. 
الآن سيحل فكر جديد واشخاص جدد محل الاسلاميين. حزب التجمع الوطني للأحرار، وهو حزب اجتماعي ليبرالي مقرب من قيادات الاعمال، هو الذي سيقود الحكومة الائتلافية الجديدة ومن المتوقع ان ينضم الى التحالف حزب يساري واحد على الاقل، وهذا معناه ان الحكومة الجديدة سوف تركز اهتمامها على الجوانب الاجتماعية.
 
الديمقراطية تعني الفرصة للجميع
لقد اثبتت التجربة في المغرب ان الديمقراطية هي الحل. فمن خلال السماح للاسلاميين بأن يكونوا جزءاً من العملية السياسية اعطى المغربيون مواطنيهم فرصة لتفحص وتقييم ثمرات افكار هؤلاء. الشعب من جانبه، وبعد مرور عقد تقريباً من الفرص تلو الفرص، انتهى الى ان الاسلاميين لا يملكون الحلول المطلوبة. 
لقد أصاب الرئيس «جو بايدن» بإعادة الأميركيين الى وطنهم من افغانستان، ولكن مع هذا ينبغي عدم التخلي بلا تفكر عن الاعتقاد بإمكانية قيام انظمة ديمقراطية خارج اراضي العالم الغربي.
 
طالبان والحكم الجديد
لأسباب جيوسياسية، وعملية أيضاً، اضطرت الولايات المتحدة للحفاظ على اتصالها بحكام افغانستان الجدد، لكن ينبغي على واشنطن عدم الاعتراف رسمياً بحكومة طالبان التي استولت على السلطة بالسلاح، ولم تفز بها من خلال كسب قناعة الناخبين الافغان. من العام 2003 حتى العام 2021 لاحت امام حركة طالبان فرص عديدة للمشاركة في الانتخابات الافغانية بشكل اصولي ولكنها اختارت الامتناع عن ذلك. حكومة طالبان ببساطة هي حكومة غير شرعية، إذ لا يمكن اعتبار حائز المسروقات مالكاً شرعياً لها.
في الجانب الاخر لدينا التجربة المغربية وهي تثبت ان الديمقراطية قادرة على العمل والنجاح وان السماح لأولئك الاسلاميين الذين يرتضون نظام الحكم الديمقراطي بالتنافس يمكن ان يوصلهم الى السلطة بشكل سلمي، كما انه قادر على ازاحتهم عنها بسلمية ايضاً. في نهاية المطاف على المحللين أن يقروا بأن الناخبين اذكى مما يعتقدون. 
 
عن موقع «ذي ناشنال إنتريست»