مراكز الدراسات والبحوث أين وأين؟

آراء 2021/09/25
...

 علي الخفاجي
 
تستمد المراكز البحثية مكانتها من الحاجة التي دعت اليها، فتكون ذات قيمة اعتبارية إذا ما قامت بتحديد ملامح الهدف الذي تشدو اليه، فهي بالعادة تقوم بتطوير الإمكانيات وإيجاد الحلول التي قد تكون غائبة وغير واضحة للعيان، تختلف مراكز الدراسات والبحوث في مجالاتها السياسية والبحثية والتطويرية والفكرية والستراتيجية وغيرها،غايتها مساعدة صُناع القرار باتحاذ الإجراءات الحتمية التي تساعد على رسم السياسة الداخلية والخارجية للبلد، وبالتالي تساعد على إيجاد الحلول الحاسمة، خصوصاً في الظروف الاستثنائية، توصف المراكز البحثية بأنها خزانة الأفكار والمقترحات غايتها تغذية المؤسسات والمراكز الحيوية بالأفكار ورسم السياسات العامة للدول، فاعتمدت كثير من البلدان على هذه المراكز، خصوصاً البلدان الناشئة، فاستوردت عقولا ومفكرين وانشأت مراكز بحثية تطويرية، سعياً منها لبناء الفرد والدولة من خلال أفكار وتحليلات هذه المراكز.
في العراق وبعد عام 2003 انشأت العديد من مراكز الدراسات والبحوث، فمنها معلن ومنها غير معلن نتيجة ارتباطاتها السياسية والجهوية والحزبية، منها حكومية، ومنها الكثير سجلت وفق قانون المنظمات غير الحكومية، وعلى الرغم من التنامي العددي لهذه المراكز، لكنها لم تقدم المطلوب لأسباب عديدة منها، عدم إيلاء مراكز القرار الاهتمام اللازم لإنجاح هذه المراكز بما يخدم المصلحة العامة، وبالتالي انعكس هذا الأمر وبشكل كبير على تسويق منتجها المعرفي، وعدم وجود البيئة المناسبة لطرح الأفكار والمقترحات بحرية وبما ينسجم مع الوضع الراهن، وأيضاً من الأسباب المهمة التي وضعت هذه المراكز في موضع التساؤل هو عدم احتكاكها مع المراكز الدولية والاقليمية، إذ لا يمكن لهذه المراكز تقديم المطلوب منها ما لم تطلع وعن كثب لمراكز بحثية ومراكز دراسات رصينة لمعرفة طريقة عملها ونمط اتصالاتها مع بيئتنها المحيطة .
 من الأمور الإيجابية التي تبعث على الاطمئنان هو تعدد المراكز البحثية والتطويرية ومراكز الدراسات لمختلف المجالات في العراق لأن مستوى الدول يقاس بمثل هكذا مراكز، لكن بشرط أن تؤدي مهامها التطويرية والبحثية بالشكل المطلوب، لا أن تتحول هذه المراكز الى دكاكين تعرض فيها الأفكار والمقترحات المكررة والمستهلكة أو لغرض التنظير الأجوف، الذي سئمنا منه كثيراً وأمسى من دون جدوى، عليه ووفقاً لإهمية هذه المراكز الحيوية، نرى إنه يجب عليها التركيز على الحلول للمشكلات التي يعاني منها البلد من دون الاكتفاء بالنظريات والبحوث الوصفية التي تقف عند وصف الحالة دون إيجاد الحلول، ومن ثم عليها أن تتخطى دورها التقليدي بإصدار البحوث والدراسات لأغراض اجتماعية وثقافية وتتحول الى لاعب مؤثر وفاعل في عملية صنع القرار، وكما إن على الدولة أن تهتم بموضوعات البحوث والدراسات بكل أنواعها اهتماماً كبيراً، لأن الاستثمار في هذا المجال يدخل في صلب وصميم التنمية المستدامة.