الانتخابات البرلمانيَّة والمتصيدون في الماء العكر

آراء 2021/09/26
...

 حسن السلمان
 
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، وتصاعد حمى الحملات الانتخابية الدعائية للمرشحين، وازدياد الدعوات المشجعة للمواطنين للذهاب إلى صناديق الاقتراع، وانتخاب مرشحيهم حسب قناعاتهم وميولهم السياسية، بعيداً عن أي ضغوط عبر وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، ومن خلال الندوات التثقيفية التي تقيمها المنظمات المدنية، والكتل والاحزاب المشاركة في الانتخابات لإحداث تغيير حقيقي في الحياة السياسية يكون له الأثر الملموس الإيجابي على حياة الناس، تتعالى الاصوات النشاز للمتصيدين في الماء العكر لمقاطعة الانتخابات وعدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع، بدعوى أن الانتخابات محسومة لصالح الاحزاب والكتل السياسية الحاكمة وأنها مجرد انتخابات صورية ستعيد الوجوه نفسها ولن تحدث أي تغيير، بل إن الامور ستزداد سوءاً، بازدياد استشراء الفساد في كل مفاصل الدولة، واحكام القبضة على السلطة بصورة اشدَّ وأقوى واستنزاف موارد الدولة لمصالحهم الخاصة، وبقاء الحال كما هو عليه في ما يخص تردي البنية التحتية وتفاقم الفقر والجهل والبطالة وهشاشة الواقع الأمني داخلياً وخارجياً، وبقاء الكثير من المشكلات المستعصية على حالها من دون حلول ناجعة، سواء تلك التي تمس حياة المواطن المعيشية، أم تلك التي تمس أمن وسيادة البلد والارتقاء بواقعه الاقتصادي بعودة «الحرس القديم» إلى الحياة السياسية من جديد، متجاهلين أن حرية الذهاب للاقتراع من عدمه مكفولة للجميع، سواء كانوا موطنين أو احزاباً حسب تشوفاتهم ورؤاهم ووجهات نظرهم، ولا يحق لأي كان أن يفرض أي نوع من التوجيه والوصاية عليهم، وذلك دون أن يقدموا بديلاً أو رؤية واضحة. في الحقيقة أن هؤلاء الداعين إلى مقاطعة الانتخابات يعلمون جيداً بأن الانتخابات ستقام في موعدها المحدد بغض النظر عن نسبة المنتخبين، وبغض النظرعن تأثير مقاطعة بعض الاحزاب بعد أن تم تأمين كل الأشياء والمستلزمات التي تخص الانتخابات، وأن دعواهم للمقاطعة في حقيقتها ليس الحرص على مستقبل المواطنين والارتقاء بحياتهم نحو الافضل، بقدر ماهي حركات مغرضة خبيثة مدفوعة الثمن لتثبيط عزائم وهمم المواطنين والتشويش عليهم وإحباطهم، ومنعهم من الذهاب إلى صناديق الاقتراع وانتخاب الوجوه الجديدة، كي تخلو الساحة لمن جندهم من الكتل والاحزاب والشخصيات المشاركة في العملية الانتخابية، ليعاد تدوير وجوههم في المشهد السياسي من جديد بخلو الساحة من المنافسة الحقيقية وإبقاء الحال كما هو عليه من فساد وفوضى 
وخراب.